تمديد وقف النار ‏مهدد بتنصل الحوثيين رغم ‏تمسكهم بـ«وثيقة أمنيات»‏

بحلول الساعة الثانية عشرة ظهرا ‏بالتوقيت المحلي لليمن، ستكون ‏مبادرة التحالف التي أعلن خلالها ‏وقف النار قبل أسبوعين قد ‏انتهت، وسط تنصُّل حوثي ‏وتملُّص من اتخاذ خطوة تلبي دعوة ‏الأمين العام للأمم المتحدة ‏أنطونيو غوتيريش، في وقت ‏قدمت فيه الحكومة اليمنية ‏والتحالف مثالاً للتعامل الإيجابي ‏مع التوجهات الأممية وما تحتمه ‏مشاغل العالم التي اختزلها فيروس ‏‏«كورونا المستجد» (كوفيد – ‏‏19).‏
وحتى لحظة إعداد هذه القصة ‏‏(الساعة الثامنة من مساء ‏الأربعاء بتوقيت غرينيتش) لم ‏تصدر أي بيانات رسمية ‏للتحالف تفيد بتمديد وقف ‏إطلاق النار، رغم أن ترجيحات ‏غير مؤكدة ذهبت إلى احتمال ‏طلب سيصدر عن الحكومة ‏اليمنية الشرعية بتمديدها.‏

– «مشية الغراب ‏والحمامة»‏
ريثما يحدث التمديد أو تعود ‏العمليات، تجدر مراجعة سريعة ‏للأوضاع التي شهدها اليمن ‏خلال أسبوعي وقف النار، إذ ‏يبدو أن الحوثيين لم يحسنوا مشية ‏‏«حمامة السلام»، ولم يحققوا ‏نتائج عسكرية على الأرض ولم ‏تحسن قواتهم حتى العودة إلى ‏‏«مشية الغراب» فالخسائر ‏وعمليات الصد والردع التي ‏تعرضوا لها شهدت تصاعداً، ‏بحسب المصادر العسكرية ‏اليمنية.‏
ماذا حقق الحوثيون خلال ‏أسبوعين مضت؟ وماذا لو ‏استجابوا لوقف النار والانخراط ‏الإيجابي في مواجهة «كورونا»، ‏وانخرطوا في النقاشات السياسية ‏والأمنية؟ سألت «الشرق ‏الأوسط» وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، فرد قائلاً: «رغم أن إعلان قيادة ‏القوات المشتركة لتحالف دعم ‏الشرعية بقيادة الأشقاء في ‏المملكة العربية السعودية ‏واستجابة الحكومة اليمنية جاء في ‏ظل انكسارات وهزائم مُنِيَت بها ‏الميليشيا الحوثية في جبهات مأرب ‏والجوف، إلا أننا رحبنا بالقرار ‏تأكيداً على حرصنا ورغبتنا ‏الصادقة في إنهاء الحرب وإحلال ‏السلام، ووضع حد لمعاناة أبناء ‏الشعب اليمني المتفاقمة منذ ‏خمس سنوات بسبب الانقلاب ‏الحوثي المدعوم من إيران، وحشد ‏الجهود والإمكانات لمواجهة ‏الفيروس المستجد (كورونا)، ‏ومخاطر انتشاره في ظل انهيار ‏القطاع الصحي… وقد كان ‏بإمكان الإعلان والترحيب الدولي ‏الواسع بهذه المبادرة، أن يكون ‏خطوة لإنهاء الحرب في اليمن ‏والتهيئة لمشاورات سياسية ‏وعسكرية وفقاً للمرجعيات ‏الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية ‏وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر ‏الحوار الوطني والقرارات الدولية ‏ذات الصلة بالأزمة اليمنية وفي ‏مقدمتها القرار 2216».‏
وشدد الوزير اليمني على أن ‏‏«تعامل الميليشيات بعدم اكتراث ‏مع هذه المبادرة ومضيها في ‏تصعيد اعتداءاتها العسكرية في ‏مأرب والجوف والبيضاء ‏وهجماتها الصاروخية على ‏الأحياء السكنية في مدينة مأرب ‏وإصدارها أحكاماً بقتل أربعة من ‏الصحافيين واستمرار اختطاف ‏المعارضين لسياساتها في مناطق ‏سيطرتها يؤكد النيات الحقيقية ‏للميليشيا الحوثية تجاه السلام ‏وارتهانها للأجندة الإيرانية ‏التخريبية في اليمن والمنطقة».‏

– وثيقة حل… ‏أم قائمة أمنيات؟
بدلاً من التجاوب مع هذا ‏الإعلان يقول الإرياني: «ذهبت ‏الميليشيات الحوثية لإعلان ما ‏سمته (وثيقة الحل) التي تمثل وجهة ‏نظر الحوثي وخلفه إيران للأزمة ‏اليمنية، وهي ورقة لا يُعتد بها ‏وليست خاضعة للبحث ‏والنقاش»، يقول الإرياني: ‏‏«لجأت الميليشيا الحوثية للدفع بها ‏في هذا التوقيت للالتفاف على ‏إعلان تحالف دعم الشرعية وقف ‏شامل لإطلاق النار لمدة ‏أسبوعين قابلة للتجديد، ومحاولة ‏التنصُّل من الضغوط الدولية في ‏هذا الجانب، على طريقة وضع ‏العربة قبل الحصان».‏
ويصف المحلل السياسي اليمني ‏البراء شيبان وثيقة الحوثيين بأنها ‏قائمة أمنيات وشروط تعجيزية ‏قدموها للمبعوث، ويقول: ‏‏«حتى مسألة الحوار السياسي مع ‏الأطراف السياسية اليمنية، جرى ‏وضعها في آخر بند. وهذا معناه ‏حوار بشروط حوثية… إنها أقرب ‏إلى قائمة تمنّ».‏
ويقرأ شيبان تحركات الحوثيين ‏الأخيرة بالقول إن الحوثيين حالياً ‏‏«يراهنون على عامل الوقت، ‏ويعتقدون أنهم لو استمروا أكثر ‏فإن المجتمع الدولي سيسلم لهم ‏وفقاً للخارطة الموجودة حالياً ‏للسيطرة، لذلك فهم لا يجدون ‏مكسباً من وقف النار، ‏ويعتقدون أيضاً أن باستطاعتهم ‏تحقيق المزيد من الانتصارات ‏بإرهاق اليمنيين والإقليم والمجتمع ‏الدولي… هذه الاستراتيجية ‏بالنسبة الهم أكثر مكسباً لاحقاً، ‏لكنها مكشوفة».‏
وتجدر الإشارة إلى أن المبعوث ‏الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ‏لم يتطرق إلى مسألة وثيقة الحل، ‏وقال إنه يسعى جاهداً إلى تطبيق ‏دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، ‏التي تتمثل في ثلاث أوراق جَمَعها ‏في ورقة واحدة، وذلك في مقابلة ‏بثتها قناة «الحدث» التابعة لقناة ‏‏«العربية».‏
وبالعودة إلى الوزير الإرياني، فإن ‏التصعيد من وجهة نظره «يؤكد ‏جهل الميليشيا الحوثية بأبجديات ‏العمل السياسي؛ فهي لم تحقق ‏أي مكاسب ميدانية تُذكر على ‏الأرض خلال الأسبوعين ‏الماضيين، ولو كانت التزمت ‏بوقف إطلاق النار لحقنت أرواح ‏عناصرها على الأقل وانتقلت إلى ‏جبهات المشاورات السياسية، ‏والبحث في كيفية إرساء وقف ‏شامل لإطلاق النار.‏
يضيف الإرياني: «المطلوب من ‏الميليشيا الحوثية في هذا اللحظة ‏الانخراط والاستجابة لدعوة ‏الأمين العام للأمم المتحدة ‏أنطونيو غوتيريش لوقف النار ‏وتوحيد الجهود لمكافحة فيروس ‏‏(كورونا)، والوفاء بالتزاماتها في ‏اتفاقيات ستوكهولم، والانخراط في ‏إجراءات بناء الثقة عبر إطلاق ‏الأسرى والمعتقلين، والانسحاب ‏من الحديدة، ورفع الحصار عن ‏محافظة تعز، والحث على اتخاذ ‏إجراءات اقتصادية وإنسانية ‏لإنهاء معاناة المواطنين، ثم ‏الذهاب لمشاورات الحل السياسي ‏الشامل والعادل المبنية على ‏المرجعيات الثلاث، بدلاً من ‏الدفع بالمزيد من المغرَّر بهم لمحارق ‏الموت والاستمرار في التغرير على ‏البسطاء والمتاجرة بمعاناتهم».‏

– ماذا لو تم تمديد ‏المبادرة؟
شدد الوزير الإرياني بالقول: ‏‏«نحن في الحكومة، وأشقاؤنا في ‏التحالف، بقيادة السعودية، ‏مضينا في الالتزام بوقف شامل ‏لإطلاق النار لمدة أسبوعين، مع ‏احتفاظنا بحق الرد على اعتداءات ‏الميليشيا الحوثية والتصدي ‏لهجماتها في مختلف محاور ‏القتال… ودعني أؤكد لك أن ‏الحكومة اليمنية جادة في السلام ‏منذ اليوم الأول، وهدفها النهائي ‏هو الوصول لسلام عادل وشامل ‏ودائم يحول دون تكرار دوامة ‏الحرب، ويضمن حياة كريمة لكل ‏أبناء اليمن، لكن مع الأسف ‏فإن الميليشيا الحوثية عبارة عن ‏مرتزقة، ولا يملكون القدرة على ‏اتخاذ قراراتهم دون الرجوع للنظام ‏و(الحرس الثوري) في إيران».‏
وفي سياق تعليقه عن النتائج ‏المرجوة من التمديد، يقول المحلل ‏شيبان لـ«الشرق الأوسط»: ‏‏«لقد وصلتُ إلى قناعة مفادها ‏أن من يريد السلام لا بد أن ‏يحقق مكسباً عسكرياً في الميدان. ‏هذا ما سلكه الحوثيون في ‏الأزمات اليمنية، والوضعية الحالية ‏للميدان لا تسمح بالعملية ‏السياسية. لن يسمح الحوثيون ‏بأن يشاركهم أحد بإدارة شؤون ‏الدولة من العاصمة. والتجربة ‏الماثلة أمامنا… الحديدة. إذا لم ‏ينفذوا أي شيء بخصوص ‏الحديدة، فكيف ستقنعهم ‏بمشاركة الآخرين في إدارة البلاد ‏من داخل العاصمة صنعاء؟ ‏أعتقد أن الشرعية والتحالف ‏يحتاجان إلى تقدم ميداني لكي ‏يجبرون الحوثيين على الطاولة تماماً ‏مثلما حصل في استوكهولم».‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net