انتقادات للرئيس التونسي بسبب شروطه لـ«الحوار الوطني»

في انتظار إرساء «هيئة الحكماء والوسطاء»، التي ستدير الحوار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في تونس، بهدف إيجاد مخرج للأزمة التي تتخبط فيها البلاد، انتقدت مجموعة من الأحزاب والمنظمات الحقوقية التغييرات الجوهرية التي أدخلها رئيس الجمهورية قيس سعيد على مبادرة «الحوار الوطني»، التي اقترحها اتحاد الشغل (نقابة العمال)، بعد أن غيّر طبيعتها وجوهرها لتصبح «حوار تصحيح مسار الثورة». كما فتح أبواب المشاركة أمام شبان لا يملكون تجربة سياسية، ولا ينتمون إلى أي حزب من الأحزاب الممثلة في البرلمان، وهي خطوة «من الصعب تنفيذها»، حسب مراقبين.
وكشف نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل، عن محاولة الأطراف التي ستشارك في الحوار الاتفاق على خمس شخصيات مستقلة لتكوين «هيئة الحكماء والوسطاء»، التي ستتولى إدارة حوار وطني، يفضي إلى توافقات من أجل إنقاذ البلاد من المشاكل التي تتخبط فيها، على حد تعبيره.
ومن المنتظر التقاء أطراف رئيسية عدة في هذا الحوار، وهي «اتحاد الشغل» صاحب المبادرة، والرئيس التونسي الذي تبناها ووضعها تحت إشرافه، والأطراف السياسية المزمع مشاركتها في هذا الحوار، والتي ستسعى للخروج بنتائج سياسية لفائدتها. وفي هذا الصدد، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن اتحاد الشغل «سيشارك في هذا الحوار وهو في وضع يؤكد أنه بات قوة اقتراح يقدم بدائل لحل الأزمة السياسية والاجتماعية. أما الرئيس سعيد فسيكون في وضع أفضل من بقية المشاركين؛ لأنه أعاد من خلال اقتراحه مشاركة الشبان في الحوار جزءاً مهماً من المبادرة إلى الشباب، الذي قال عنه خلال حملته الانتخابية إنه بذل جهوداً مضنية في المدن والقرى والأرياف، والجبال والسهول، وتحت أشعة الشمس الحارقة، والأمطار المتهاطلة، وعلى الأقدام».
لكن في حال فشل جلسات الحوار، فإن الاتهامات الكبرى ستوجه لا محالة إلى الأحزاب السياسية، التي غالباً ما انتقدها الرئيس سعيد، واعتبرها السبب الأساسي في فشل منظومة الحكم منذ 2011.
وبخصوص ضرورة إشراك شباب الجهات في الحوار الوطني، اعتبر عدد من السياسيين أن هذا الشرط الذي اقترحه رئيس الجمهورية «غير قابل للتنفيذ، وهو ما قد يجعل نتائج هذه الجلسات تخدم أجندة قيس سعيد، بعيداً عن الأجندة الوطنية».
في السياق ذاته، طالب الرئيس سعيد «ألا يكون هذا الحوار الوطني المرتقب مثل سابقيه»، ودعا إلى أن يكون «تمهيداً لتصحيح مسار الثورة، التي تم تحريف مسارها الحقيقي، الذي حدده الشعب منذ عشر سنوات، ألا وهو الشغل والحرية والكرامة الوطنية». مشدداً على وجوب إشراك ممثلين عن الشباب من كل جهات الجمهورية في هذا الحوار، لكن دون تحديد معايير هذه المشاركة.
في غضون ذلك، ناشد عمال الحضائر الرئيس سعيد التدخل لتسوية وضعية العمال، ممن تجاوز سنهم 45 سنة، والذين لم يشملهم الاتفاق الموقع بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال).
واعتبر عمال الحضائر في رسالة وجهوها إلى الرئيس أنه «بقدر ما كان هذا الاتفاق منصفاً للبعض، فقد كان قاسـياً على البعض الآخر بإحالتهم على البطالة، تحت اسم المغادرة الإجبارية بعد أن عملوا ما يناهز عشر سنوات في مصالح الدولة، مقابل أجور ضعيفة». داعين إلى تقديم مبادرة تشريعية لسن أحكام استثنائية للتوظيف في القطاع العمومي. كما ناشدوا سعيد استعمال صلاحياته الدستورية لإلغاء صيغة المغادرة الإجبارية، وتحويلها إلى خروج اختياري، وفتح الباب لانتداب العمال ممن تجاوز سنهم 45 سنة في الوظيفة العمومية، مساهمة في إنقاذ ما يناهز 16 ألف عائلة من الفقر والخصاصة، على حد تعبيرهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net