تحذيرات أميركية من مرض غريب يصيب الأطفال بالشلل

حذرت الأوساط الطبية في الولايات المتحدة وخبراء مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، من عودة ظهور عدوى غريبة تشبه شلل الأطفال في عدة أماكن متفرقة بصورة أقرب ما تكون للوباء في الخريف المقبل. وأوضحوا أن نوبات من الشلل الرخوي الناتجة عن خلل في النخاع المبطن للجهاز العصبي Acute flaccid myelitis تظهر في الولايات المتحدة بوتيرة أقرب للثبات كل عامين وذلك بداية من عام 2014 في الفترة من أغسطس (آب) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني). ورغم التحذيرات السابقة ومحاولات الكشف عن طرق للوقاية من هذا المرض إلا أن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح حتى الآن وهو الأمر الذي يهدد بانتشار المرض بوتيرة أسرع وأعداد أكبر.

شلل رخوي
أشارت المراكز إلى أن نصف عدد الحالات المصابة بالشلل الرخوي احتاجت الحجز في الرعاية المركزة. وهناك طفل من كل أربعة احتاج إلى الوضع على جهاز التنفس الصناعي حتى يتمكن من البقاء على قيد الحياة بعد أن ضعفت عضلات الجهاز التنفسي بالشكل الذي لا تستطيع معه أن تؤدي وظيفتها في التنفس وهو الأمر الذي يسبب الوفاة في النهاية في حالة فصله عن الجهاز، وذلك تبعا لتقرير أسبوعي للمركز نشر في عام 2018 عن هذه الإصابات CDC›s Morbidity and Mortality Weekly Report.
ومن المعروف أن هذا النوع من الشلل يعتبر من الطوارئ الطبية ويجب أن يتم التوجه فورا إلى المستشفى في حالة الاشتباه حيث إن التطور من شلل الأطراف إلى الفشل التنفسي يحدث سريعا.
وأوضحت المراكز أن ما يزيد الأمر تعقيدا هذا العام وجود فيروس «كورونا المستجد» COVID – 19 وهناك احتمالية أن تظهر الأعراض المبكرة للشلل ولا يتم تشخيصها بالشكل الصحيح أو تشخيصها في وقت متأخر نظرا لأن معظم العائلات تخشى الذهاب بالأطفال إلى المستشفى خوفا عليهم من الإصابة بالعدوى، فضلا عن تشابه أعراض المرضين في البداية. ويبدأ المرضان بأعراض أقرب إلى نزلة البرد العادية مثل ارتفاع درجة الحرارة والرشح والسعال والصداع واحتقان الحلق.
ولم تستطع المراكز تحديد إذا كانت الأعداد سوف تزيد هذا العام، كما هو متوقع، من عدمه حيث يمكن أن تزيد الإصابات نتيجة للزيادة الطبيعية كل عامين أو نتيجة لتشخيصها بشكل خاطئ على أنها مرض «كورونا» خاصة أن الأعداد تزايدت بالفعل على مدار السنوات الماضية.

أعراض الفيروس المعوي
في عام 2014 كان عدد الإصابات 120 حالة فقط وتزايد الرقم إلى 153 في عام 2016 انتهاء بـ238 حالة في عام 2018 مما يزيد من احتماليات العدوى هذا العام. ولكن على الجانب الآخر وتبعا لتوقعات الأطباء وحسب الدراسات عن الفيروس المتسبب في هذا المرض ربما تساهم الإجراءات الاحترازية للحد من فيروس الكورونا من تباعد اجتماعي وارتداء الكمامات وغسل الأيدي باستمرار والتزام النظافة العامة في أماكن التجمعات في الحد أيضا من خطورة هذا الفيروس المسؤول عن الشلل خاصة أنه من الفيروسات المعوية enterovirus – D68 والتي يمكن أن تنتقل عبر الفم من خلال تناول شيء ملوث.
وذكر العلماء أن 9 من كل 10 حالات من الشلل الرخوي كانت في البداية عبارة عن أعراض تشبه الإنفلونزا أو عدوى بسيطة في الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي وتستمر هذه الأعراض لمدة أسبوع ثم تبدأ بعدها أعراض ضعف العضلات وفقدان لوظيفتها تبعا لمكان الإصابة وفي بعض الحالات يمتد هذا الضعف سريعا ليصل إلى الجهاز التنفسي مما يهدد الحياة حيث إن الفيروس يصيب الجهاز العصبي خاصة الحبل الشوكي ويؤثر على منطقة تسمى المنطقة الرمادية gray matter ومعظم المرضى يشعرون بالأعراض بشكل مفاجئ على هيئة ضعف في عضلات الساق أو الساعد وهذا الضعف يمكن أن يتطور إلى شلل كامل في غضون ساعات أو أيام قليلة.
ويلاحظ في التقرير السابق لعام 2018 أن نسبة 86 في المائة من الحالات حدث لهم ضعف في أحد الأطراف في الفترة من أغسطس (آب) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) وكان شهر سبتمبر (أيلول) هو أسوأ شهور العدوى إذ حدث على وجه التقريب أكثر من ثلث الإصابات في هذا الشهر. وعانى نصف الأطفال المصابين من صعوبات في المشي نتيجة لضعف عضلات الساق وأيضا عانوا من آلام في الرقبة والظهر وأيضا اشتكى ثلث الأطفال من ارتفاع في درجة الحرارة. ونصحت المراكز الأطباء بضرورة تحويل أي طفل يشكو من ضعف في العضلات بشكل مفاجى إلى المستشفى حيث إن العديد من هذه الحالات تأخر وصولها إلى المستشفى يومين أو ثلاثة حتى بدأ الآباء في ملاحظة أعراض عدم القدرة على المشي.
ورغم تشابه أعراض الشلل الرخوي مع شلل الأطفال poliovirus إلا أن التطعيم المستخدم ساهم في عدم وجود أي إصابات خاصة أن المرض انتهى من الولايات المتحدة من نهاية سبعينات القرن الماضي ولذلك ينصح الخبراء بضرورة التعامل مع حالات الاشتباه بالسرعة الكافية وحجز الطفل في المستشفى على الفور خاصة أن كل الحالات على وجه التقريب (98 في المائة) تبعا لتقرير عام 2018 احتاجت للحجز في المستشفى وهناك نسبة بلغت 10 في المائة تأخر حجزهم في المستشفيات لمدة أربعة أيام أو أكثر وربما يكون ذلك هو الأمر الذي أدى إلى تفاقم حالتهم لاحقا. ويجب على الآباء عدم التهاون مع شكاوى الأطفال بعدم القدرة على المشي أو المعاناة من حركة السير العادية.
* استشاري طب الأطفال

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net