«برلين 2» يطالب بـ«تسوية سياسية دائمة»… ووقف التدخلات في ليبيا

دعا المشاركون في مؤتمر (برلين 2) حول ليبيا، الذي نظمته الأمم المتحدة والحكومة الألمانية، أمس، إلى «اغتنام الفرصة» لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، مطالبين أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين بـ«العمل سوية» لمساعدة الليبيين في إيجاد «تسوية سياسية دائمة»، وشددوا على «ضرورة الوقف الفوري» للتدخلات العسكرية الأجنبية في البلاد، بما في ذلك وقف الانتهاكات لحظر الأسلحة، الأمر الذي اعتبره الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأنه يرقى إلى «فضيحة».
وعلى هامش الدورة السنوية الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عقد المؤتمر أمس بواسطة تكنولوجيا الإعلام المرئي، برئاسة غوتيريش ووزير الخارجية الألماني هايكو ماس، وبمشاركة وزراء الخارجية وكبار ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، التي تشكل جزءاً من عملية برلين، وكذلك الدول المجاورة لليبيا.
وعلى أثر الاجتماع، أكد المشاركون في بيان «التزامهم بنتائج مؤتمر برلين حول ليبيا الذي عقد في يناير (كانون الثاني) 2020 كما أقرها مجلس الأمن في قراره 2510، شاكرين للممثلة الخاصة بالإنابة في ليبيا، ستيفاني ويليامز، جهودها لاستئناف عملية سياسية بقيادة ليبية، وبتيسير من الأمم المتحدة. مرحبين بالقرار 2542 الذي يطلب من الأمين العام تعيين مبعوث خاص جديد يترأس «أنسميل»، وكذلك بوجود منسق للبعثة. كما شددوا على «ضرورة اغتنام الفرصة، التي أوجدتها التطورات الإيجابية خلال الأسابيع القليلة الماضية لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا»، ورحبوا بـ«الجهود المتواصلة التي تبذلها المنظمات الإقليمية للمساهمة في جهود السلام»، مشيدين خصوصاً بخطط الاتحاد الأفريقي لعقد مؤتمر مصالحة وطنية ليبية في أديس أبابا. وكذلك بالمبادرات الدولية التي عقدت في إطار عملية الأمم المتحدة، بما في ذلك اجتماعات مونترو (سويسرا) وبوزنيقة (المغرب) والقاهرة (مصر).
كما رحب المشاركون بـ«الاستئناف المقرر للمحادثات الليبية الداخلية، بناء على الدعوات إلى وقف إطلاق النار من أطراف النزاع في 21 أغسطس (آب) الماضي، وكذلك توصيات مونترو التي حددت عناصر التسوية السياسية التي ستتم مناقشتها في الاجتماع المقبل لمنتدى الحوار السياسي الليبي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) 2020». ودعوا كل الأطراف الليبية إلى «التصرف بمسؤولية، وبناء توافق في الآراء بشأن تسوية سياسية شاملة تؤدي إلى انتخابات من شأنها أن تعيد الشرعية الديمقراطية».
في سياق ذلك، شدد المشاركون على «ضرورة الوقف الفوري للتدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا». وقالوا إن «هناك اتفاقاً عاماً بأن الانتهاكات المتكررة لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة يجب أن تتوقف على الفور». مشيدين بالتقدم في محادثات الغردقة (مصر) أخيراً، ومناقشات اللجنة العسكرية المشتركة «5 + 5». كما دعوا إلى تنفيذ سريع لمنطقة منزوعة السلاح محتملة في سرت وحوله، والسماح بأن تصبح مقراً لمؤسسات الدولة في الفترة التحضيرية التي تمت مناقشتها في مونترو.
وسلط المشاركون الضوء على «التأثير السلبي للاقتصاد الليبي الضعيف على الظروف المعيشية للسكان»، مشددين على «أهمية ضمان الرفع الكامل وغير المشروط للحصار النفطي للسماح باستئناف صادرات النفط». كما رحبوا بالمناقشات الجارية بخصوص «الإدارة العادلة والشفافة لعائدات النفط بين كل مناطق البلاد»، مطالبين السلطات الليبية بـ«إحراز تقدم في الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك إعادة توحيد المؤسسات المالية في البلاد».
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة عبر اتصال مرئي، إن حل الأزمة في ليبيا «لا يزال أولوية قصوى للأمم المتحدة». وكرر الترحيب بالبيانين اللذين أصدرهما رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وبالاجتماعات التي عقدت لبحث سبل الأزمة الليبية. ودعا الليبيين إلى «مواصلة العمل من أجل وقف دائم لإطلاق النار»، ودعم جهود السلام، مطالباً بالالتزام بالتعهدات التي قطعت في مؤتمر برلين مطلع هذا العام، مع «التنفيذ الكامل وغير المشروط لحظر توريد الأسلحة». ورأى أن «انتهاكات الحظر تشكل فضيحة وتثير تساؤلات حول الالتزام الأساسي بالسلام من كل المعنيين». داعياً إلى «رفع فوري ودائم وغير مشروط للحصار المفروض على إنتاج وتصدير النفط في البلاد»، بالإضافة إلى «تفكيك شبكات الاتجار بالبشر في كل أنحاء البلاد على الفور».
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أن أي حل سياسي حقيقي في ليبيا «لا بد أن يستند إلى رؤية وطنية وحصرية للشعب الليبي دون إملاءات أو ضغوط مغرضة من هنا أو هناك».
وقال في الاجتماع الوزاري الذي أمس: «لم تتوقف مصر منذ اندلاع الأزمة الليبية عن التحرك الدؤوب والمخلص في كافة الاتجاهات… فدعمت كل جهد جاد لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، بداية من جهود الأمم المتحدة في الصخيرات، وصولاً إلى مؤتمر برلين… ولم تنقطع اتصالات مصر مع كافة الأطراف الليبية لتقريب الرؤى».
وتابع شكري قائلا: «وعليه، أطالب اليوم بأن تترجم إرادة الدول في إنفاذ توصيات وخلاصات برلين، جميعها دون استثناء، في إجراءات فعلية ملموسة لدفع الأطراف الليبية لاحترام ما التزم به الجميع في مؤتمر برلين وفي مجلس الأمن». بدوره، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في المؤتمر الصحافي إن «هناك أسبابا لإبداء تفاؤل حذر»، لافتا إلى أن ثمة «مؤشرات لدى طرفي النزاع للانتقال من منطق عسكري إلى منطق سياسي».
أما وزير الشؤون الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، فقد أكد من جانبه موقف الجزائر المبني على عناصر الحل السياسي، الذي يضمن وحدة ليبيا وسلامتها وسيادتها، ويرقى إلى تطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار والتنمية.
كما جدد بوقادوم دعوة الجزائر الملحة لمجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في فرض احترام وتنفيذ مخرجات برلين، لا سيما حظر الأسلحة التي لا تزال تُوَرَّدُ إلى ليبيا، وتُزيد النزاع والتوتر في هذا البلد الشقيق، ومن ثَمَّ توفير الظروف الملائمة للانطلاق في عملية سياسية حقيقية بناءة تجمع كل الليبيين حول طاولة الحوار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net