«الإطار التنسيقي» يبادر بثلاثة حلول رابعها التوتر في جنوب العراق

حتى مع إعلان «الإطار التنسيقي» مبادرة من ثلاث نقاط لحل الأزمة السياسية الخانقة، فإن الفاعلين العراقيين يُجمعون على «قلة حيلتهم» في ابتكار خريطة طريق جديدة لإدامة الحياة السياسية، بعد الاختراق الذي أسفرت عنه الانتخابات المبكرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
المبادرة تضمنت «مد اليد» إلى زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، والدعوة إلى وضع معايير مشتركة لاختيار رئيس الوزراء، وإطلاق «مرحلة جديدة من الحوار»، وهي صياغات متأخرة عن طبيعة الأزمة وطبيعة الصدام بين أطرافها، لكنها تكشف أمرين أساسيين: أن القوى الأساسية في الإطار لا تمتلك خططاً بديلة سوى المشاركة في الحكومة، وأن الصياغات الفقيرة سياسياً والمشغولة بأهمية «البيت الشيعي» تدفع الصدر للتشكيك بحلفائه في المكونين السني والكردي، قبل أن يقرر «إقصاء رفاقه في المذهب».
في لحظة إطلاق المبادرة، كانت مدينة ميسان، جنوب العراق، تتحول إلى مسرح لتصفية الحسابات بين «التيار الصدري» و«عصائب أهل الحق». صيد منفلت لمسلحين من الطرفين، على إيقاع الصيد السياسي في بغداد، بحثاً عن توافق شيعي – شيعي. بهذا المعنى، يمكن تخمين صياغة «الرغبات» في مبادرة الإطار.
ومنذ مطلع شهر فبراير (شباط) الجاري، شهدت المدينة عمليات اغتيال متبادلة بين التيار الصدري والعصائب، بدأت بتصفية الرائد حسام العلياوي، شقيق أحد أتباع قيس الخزعلي، ثم اغتيال قاضٍ رفيع متخصص بملف المخدرات في المدينة، واغتيال أحد قادة «سرايا السلام» التابع للصدر، وآخرها اغتيال شخصين عند أطراف مركز المدينة، بعد ساعات قليلة من زيارة أجراها رئيس الوزراء لإعادة رسم الخطة الأمنية.
السباق الآن لحسم الانفلات في ميسان، قبل رسم معادلة سياسية جديدة. يقول الصدر إنه «مستعد للبراءة من الصدريين والعصائب» ممن تورطوا بحملة الاغتيالات، ولمح إلى أن «التصعيد قد يكون ضغطاً سياسياً من أجل التحالف»، بينما يُحرر قادة الإطار بيانات متواترة للتوسط من أجل التهدئة واحتواء الموقف. وفي السياق، ثمة محاولات لإقامة «صلح ميسان» واستعادة «البيت الشيعي».
وشهدت العلاقة بين «التيار الصدري» و«العصائب» مناوشات منهجية، على فترات طويلة، باغتيال شخصيات من الطرفين، لكنها لم تظهر في السنوات القليلة الماضية بوصفها بؤرة نزاع مفتوح استوجبت تدخل القيادات من الطرفين.
وعقب زيارة إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري الإيراني»، أدرك قادة الإطار التنسيقي أن الإمساك بالحلول الوسطى يكلف عدداً من الفاعلين النافذين «خسائر غير مقبولة»، لهذا جاءت المبادرة فضفاضة، وأيضاً جرى تصعيد الحدث الأمني في ميسان إلى الواجهة. على الأقل، نجحت الأطراف المعنية باختلاق ورقة سياسية جديدة، مسرحها ميسان، وأدواتها الاغتيال.
ويقول قيادي في الإطار التنسيقي، إن «الحديث عن حلول ناضجة الآن، وقابلة للعيش غداً، في حكم المستحيل. ليس لدينا سوى أن نساعد الصدر على إدراك خطورة الطريق الذي يمضي إليه (…) ثمة رسالة واحدة مما يجري، وهي أن مواجهة إيران تحتاج إلى قدرات أكبر»، وبهذا المعنى تكون الحوادث في ميسان هي المبادرة الفعلية للإطار. ويضيف القيادي: «الأزمة في ميسان كسر عظام تُطبخ في بغداد».
وبينما كان الصدر يودّع قاآني بتغريدة عن حكومة الأغلبية متوقعاً إشارات أكثر مرونة من العامري والمالكي والخزعلي، يراقب اليوم الفخ الذي سُحب إليه في ميسان، ما قد يجبره على التبرع بنفوذ التيار في المدينة لحماية مشروعه في حكومة الأغلبية أو التفاوض مع الإطار على «الجمل بما حمل».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net