الكف تُلاطم المخرز

القانون الدولي العرفي ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يُعرِّفان الفصلَ العنصري بأنه “أية أفعال لا إنسانية… تُرتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام .
جاءت المظاهرة بالنقب استجابة لدعوة لجنة التوجيه العليا لعرب النقب التي قررت تصعيد النضال بسلسلة من الخطوات الاحتجاجية الميدانية، وتنظيم الاحتجاجات والمظاهرات الدورية على مدار الأسابيع المقبلة، ضمن سياق برنامج تجسدي لتحفيز وتجنيد الجماهير للتصدي لمخطط التجريف والتحريش الذي يهدف لتشريد وتهجير سكان القرى مسلوبة الاعتراف . وطالب المتظاهرون السلطات الاسرائيلية بالكف عن سياسات التجريف والهدم ووقف جرافات الهدم التي طالت عشرات المنازل، في الأسابيع الأخيرة، والاعتراف غير المشروط بالقرى مسلوبة الاعتراف . وندد المتظاهرون بعنف الشرطة وقمعها للسكان خلال تصديهم للجرافات وأعمال التجريف والتحريش لأراضي الأطرش وسعوة، والاعتقالات التي طالت العشرات من الشبان والفتيات والأطفال. وحمّلت لجنة التوجيه العليا في النقب “الشرطة بشكل كامل تفجير المظاهرة والتعامل بوحشية مع المظاهرة” وقالت لجنة المتابعة، في بيان، إن قمع الشرطة “عدوان مخطّط بهدف إسكات الهبّة الشعبية في النقب الدائرة في الأيام الأخيرة، التي تواجه هذا الهجوم البوليسي المستمر، الذي يتم بتحريض من أركان أساسية في الحكومة الإسرائيلية وأذرعها”.
تحتكم دولة إسرائيل في تشريعاتها ومنذ تأسيسها عام 1948إلى القوانين التي يتبناها الكنيست “البرلمان”، حيث أنها لم تعتمد أي دستور لها ينظم شؤون التشريع وإدارة البلاد. في الوقت الذي طُرِد فيه 750،000 فلسطيني إلى خارج حدود الدولة اليهودية الناشئة في 1948، أُخضع 150,000 فلسطيني للأحكام العرفية لِما يقرب من 20 عامًا،
شهدت تلك الفترة مصادرات جماعية للأراضي من خلال قانون أملاك الغائبين الذي أقره الكنيست في 1950. ولا يزال هذا القانون الوسيلةَ الرئيسية لدى إسرائيل لمصادرة الأراضي، بما فيها أراضي القدس الشرقية . انتهى الحكم العسكري في 1966، ورغم هذا أبقت إسرائيل على الفلسطينيين معزولين ومهمَّشين ويتم اصدار
القوانين المقرة في الكنيست لا تخدم مصالح المواطنين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر بوجه عام، وفلسطينيي القدس المحتلة عام 1967 بوجهٍ خاص، بل وفي معظم الأحيان تكون ضد حقوقهم كمواطنين وضد تاريخهم وقوميتهم، في دولة تحاول أن تفرض مسماها “دولة يهودية ديمقراطية”، حيث يعتبر العرب فيها أقلية تتمتع ببعض الحقوق ولكن ليس بالمساواة.
وتحت وطأة الضغط الذي تمارسه اسرائيل لسنّ قوانين أكثر تشددا ضد حقوق المواطنين الفلسطينيين، سنَّ الكنيست منذ وجوده مجموعة من القوانين تستهدف الفلسطينيين، حتى أنّها وُصِفت بـ” العنصرية” من قِبل بعض الأحزاب الصهيونيّة، ومنها قانون النكبة، وقانون المواطنة، وتعديل قانون الأراضي (الخصخصة)، وغيرها.ونتيجة تلك القوانين العنصرية تواصل حكومة إسرائيل المتعاقبة في الحكم إقرار مزيد من المخططات ومزيد من هدم منازل الفلسطينيين وتواصل سياستها القائمة على التهجير واقتلاع المواطنين الفلسطينين من أرضهم ، كما قرار مخطط برافر عام 2011 هذا المخطط الذي هدد باقتلاع عشرات آلاف المواطنين العرب من أراضيهم، يهدم بيوتهم، ويخطر بمصادرة غالبية أراضيهم الساحقة، كان قد طُرح إلى طاولة الحكومة كمشروع قانون لإقراره في الكنيست ، وقد أقر بالفعل، بالقراءة الأولى نهاية حزيران عام 2013 . بعد انتخابات الكنيست عام 2015، تم العمل على إصدار أوامر هدم لـ11 منزلا في الرملة ، عمليات الهدم المتواصلة في النقب، في قلنسوة ووادي عارة كفركنا ، والقدس الخ وأينما تواجد الفلسطيني . تعتبر خطوات تصعيدية عنصرية ضد تواجد الفلسطيني في كل مكان تواجده ..وأمام هذا الصمت على جرائم اسرائيل قررت لجنة المتابعة العليا إعلان الإضراب العام والشامل في المجتمع العربي بالداخل عام 2015 وفي هذا الصدد قالت لجنة المتابعة العليا إن أكثر من خمسين ألف بيت عربي مهدد بالهدم، للذريعة ذاتها ، وهذ يعني أن هناك عملية تطهير عرقي منهجي للوجود العربي الفلسطيني في البلاد. قرار الحكومة الأسرائيلية قرارات باطلة بموجب القانون الدولى والشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة؛تصاعد وتيرة اعتداءات الإسرائيلية بحق السكان العرب،”أصبحت روتينًا يوميًّا يؤرقهم وينغص حياتهم” في ظل تجاهل فلسطيني رسمي، وإسلامي وعربي وعالمي واضح.ونتيجت هذا الصمت على جرائم اسرائيل قررت لجنة المتابعة العليا إعلان الإضراب العام والشامل في المجتمع العربي بالداخل التصعيد . كما وقررت تشكيل لجنة من سكرتيري الأحزاب والحركات الوطنية في عام 2015 للتحضير واتخذ قرار بتدويل قضية جرائم هدم البيوت العربية وعرضها على سفراء الدول الأجنبية في البلاد لفضح سياسات وسلوكيات إسرائيل وتمييزها إتجاه الأقلية الفلسطينية. التصعيد ضد الوجود الفلسطيني في الداخل الفلسطيني منذ وجود دولة إسرائيل متصاعد ومستمر ضمن سياسة تستخدمها في سياستها الممنهجة ضد الوجود الفلسطيني .
نائل ابو مروان . كاتب ومحلل سياسي .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net