معالجة جديدة لمسرحية توفيق الحكيم في مكتبة الإسكندرية

خيط رفيع بين الممكن والمستحيل، بين الجدية والهزل، تغزل به مسرحية «الدنيا رواية هزلية» أحداثها التي تعرض على خشبة مسرح مكتبة الإسكندرية حالياً، وهي واحدة من ثلاثة عروض حظيت بمنحة مقدمة من المكتبة لتشجيع الشباب على تقديم تجارب خلاقة لا تخضع لقوانين السوق ولا تتسم بالطابع التجاري. تروي المسرحية، التي تعد واحدة من عيون مسرح «عميد المسرح العربي» توفيق الحكيم، مأساة «موظف أرشيف» يدعى «خالد» في مستهل حياته المهنية ويتبع إحدى الجهات الحكومية، حيث تختنق روحه تحت وطأة عمل بيروقراطي ممل ومكرر لا يتطلب أي مجهود، بينما يتوق بكل جوارحه إلى عمل شيء مبتكر وجديد. رئيسه المباشر في العمل يحاصره بمهام تافهة، بينما زميلته «الآنسة علوية» لا هم لها سوى التزين والتجمل وتحظى بامتيازات في الحضور والانصراف بسبب جمالها الذي يجعل الكل يسعى لاسترضائها.

يجد البطل ضالته المنشودة في واحد من الكتب التي تتحدث عما يسمى تناسخ الأرواح وحلول الجسد في أجساد أخرى، حيث يستغل توفيق الحكيم هذا الكتاب باعتباره «المبرر الدرامي»، حيث ينتقل البطل بسبب «الوصفات» التي يحتويها إلى حيوات وأزمنة وشخصيات أخرى في جو من الفانتازيا والخيال الجامح، نراه على سبيل المثال سعيداً منتشياً، لأنّه تحول إلى عالم شهير توصل إلى اكتشاف مذهل يتمثل في إعادة الحياة لخلايا مومياوات فرعونية فارق أصحابها الحياة. تشاركه زوجته حلم الاكتشاف، لكنها تعاني من إهماله الشديد لها على نحو يوشك أن يوقعها في مأزق الخيانة الزوجية. في مشهد آخر، نجد البطل وقد تحول إلى أنطونيو الذي يطارح كليوباترا غراماً مشوباً بالتوتر السياسي بين روما ومصر في أزمنة سحيقة، كما يتحول إلى سياسي تسبب في حرب ذرية وأصبح ضحية لتسمم الأنهار، حيث تناول وجبة أسماك ملوثة بالإشعاع.

وهذه ليست المرة الأولى التي يُعرض فيها هذا النص على خشبة المسرح، فقد سبق تقديمه في ستينات القرن الماضي على خشبة المسرح القومي، من إخراج وبطولة مدحت مرسي وسهير البارودي، بينما تعددت المعالجات الحديثة، من بينها عرض مهرجان «الساقية» الثالث عشر. ويكشف مخرج العرض رامي نادر، عن سبب تحمسه لتنفيذ هذا العمل بالذات: «هذا العمل يجمع بين الفكر والكوميديا في معادلة رائعة، وهذا ما أعجبه منذ قراءته له للمرة الأولى حين كان طالباً في العام الأخير بكلية التجارة، وقام بإخراجه على مسرح الجامعة».

ويضيف رامي قائلاً: «من المعروف أنّ مسرح توفيق الحكيم يُقرأ ولا يُمثل بسبب طابعه الذهني، وهذا يتضمن نوعاً من التحدي المحبب لي، حيث لم نلتزم بالنص الأصلي حرفياً، وأضفنا له العديد من اللوحات الدرامية المستلهمة من مسرحيات أخرى لتوفيق الحكيم أيضاً مثل (مصير صرصار) و(عهد الشيطان)، كما استبدلنا المصلحة الحكومية الموجودة في النص الأصلي بمركز اتصالات أو (كول سنتر) حتى يصبح العرض أكثر قرباً لروح العصر». من جانبه، يؤكد الممثل الشاب أواب شبانة، الذي يجسد الشخصية الرئيسية «خالد»، سعادته بهذا العمل، حيث يقوم بالعديد من الشخصيات مثل «موظف الكول سنتر» و«العالم» و«مدرب التنمية البشرية»، مما يستنفر طاقاته المختلفة ويضعه في تحد قوي، وهو كيفية التنقل من شخصية إلى أخرى بهدوء وسلاسة وعلى نحو مقنع للمتفرج.

قد يهمك ايضا:

محاضرة عن "الكنيسة القبطية" في مكتبة الإسكندرية الأربعاء

تعلم "الهيروغليفية" يجذب المصريين لفك رموز تاريخ أجدادهم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net