الحوثي يفرض تعيين عمه وأخيه للتحكم في ملف المساعدات الإنسانية

واصلت الميليشيات الحوثية عمليات التجريف المنظمة للوظيفة العامة فيما تبقى من مؤسسات الدولة المختطفة في صنعاء العاصمة ومدن يمنية أخرى تحت سيطرتها، وذلك من خلال الإطاحة بآلاف من الموظفين واستبدال آخرين بهم، مؤهلهم الوحيد هو انتماؤهم للسلالة الحوثية.
وفي الوقت الذي باتت فيه عمليات الإحلال لعناصر الجماعة في مرافق الدولة اليمنية بشقيها العسكري والمدني، شبه مكتملة، شرعت الجماعة أخيراً في استكمال مسلسل «حوثنة» ما تبقى من المناصب الحساسة بتلك المؤسسات، من خلال تعيينات عدة تركزت في مجملها على اختيار القادة المنتمين إلى سلالة زعيمها.
وبينما بلغ إجمالي من أطاحتهم الجماعة من الموظفين اليمنيين في سجلات الخدمة المدنية نحو 98 ألف موظف، أقدم رئيس مجلسها الانقلابي مهدي المشاط قبل يومين على تعيين عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي وأخيه يحيى الحوثي في عضوية ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي» الذي أنشأته الميليشيات للتحكم في موارد المساعدات الإنسانية.
وبحسب القرار الذي بثته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، أصبح عم الحوثي المعين وزيراً لداخلية الانقلاب وأخوه المعين هو أيضاً وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الانقلاب، المسيطرين على ملف المساعدات الإنسانية، بناء على رغبة زعيم الجماعة.
وجاءت تعيينات الحوثي لأقاربه – بحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» – لكي يضمن إشراف سلالته المباشر على أكبر مؤسسة تتحكم في ملايين الدولارات من أموال المانحين، ولجهة سعيه إلى مكافأتهم للحصول على مزيد من الأموال.
في غضون ذلك، أشارت المصادر إلى أن لجوء الجماعة لإضافة شخصين من السلالة الحوثية إلى عضوية ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة الشؤون الإنسانية» يعد دليلاً قاطعاً على وجود فساد مهول في أروقة ذلك المجلس الذي أنشئ في الأساس من قبل الجماعة بهدف الاستحواذ على ما يقدم لليمنيين من مساعدات خارجية.
وبينما يتولى القيادي في الجماعة أحمد حامد المقرب من زعيمها رئاسة مجلس إدارة المجلس، إضافة إلى شغله منصب مدير مكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب، يتولى القيادي عبد المحسن الطاووس منصب الأمين العام في المجلس، وهو الذي كان قد اشتبك نهاية عام 2018 مع شقيق زعيم الجماعة يحيى الحوثي، وسرب وثائق تدين الأخير بالفساد والسطو على عشرات الآلاف من السلال الغذائية المخصصة للمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة. وردَّ حينها يحيى الحوثي مطلع العام الجاري بنشر معلومات وكشف بيانات مماثلة عن سرقة الطاووس وإلى جانبه قيادات حوثية أخرى للمساعدات الإنسانية المقدمة لليمنيين، واتخذ على أثرها قراره بالاعتكاف في صعدة، مطالباً شقيقه بالتدخل من أجل رد الاعتبار له، وتمكينه من المشاركة في الإشراف على ملف المساعدات الإنسانية.
في سياق متصل، أفادت مصادر محلية في الأيام الأخيرة بتفجر نزاع حاد بين قادة الجماعة في صنعاء، على خلفية نهب مبالغ تقدر بملايين الدولارات من قبل قيادات بارزة، بينهم القيادي نبيل الوزير المعين وزيراً للمياه والبيئة، قبل أن تتدخل قيادات أخرى للملمة الصراع، وإبقاء تفاصيله بعيداً عن وسائل الإعلام.
وبالعودة إلى مسلسل تجريف الجماعة وتسخيرها لمؤسسات الدولة والوظيفة العامة خدمة لأجندتها، أفادت مصادر مطلعة في وزارة الخدمة المدنية بصنعاء، بأن الميليشيات لا تزال مستمرة في حوثنة ما تبقى من المؤسسات الحكومية، من خلال إصدار حزمة من التعيينات لموالين لها، في خطوات منظمة لاستكمال المشروع الحوثي الذي يحل محل النظام الجمهوري.
وطبقاً للمصادر، فقد فصلت الجماعة معظم الكوادر الوطنية غير المنتمية لها وبطريقة منظمة من مناصبهم الوظيفية، في المناطق الخاضعة لسيطرتها، واستبدلت بهم آخرين ينتمون للسلالة الحوثية، إذ مكَّنتهم من كل المناصب بالجهات الإيرادية، بهدف نهب المال العام وضمان استمرار حربها العبثية.
وكشفت المصادر نفسها عن أن عدد الموظفين الحكوميين الذين سرحتهم الجماعة من وظائفهم وصل حتى يونيو (حزيران) من العام الجاري إلى أكثر من 98 ألف موظف يمني.
وجاءت صنعاء في مقدمة المدن من حيث عدد الموظفين الذين فصلتهم الجماعة من وظائفهم، وأحلت مكانهم آخرين موالين لها، تلتها في الترتيب محافظات: صعدة، وعمران، وذمار، وإب، والمحويت، وحجة.
واستهدفت عملية الإقصاء الحوثية – بحسب المصادر – بالدرجة الأساسية فئات الوزراء ونواب الوزراء ووكلاء الوزارات ومساعديهم، ومديري عموم المديريات والشركات والهيئات والمؤسسات والمراكز والإدارات والدوائر الحكومية، المدنية منها والأمنية والعسكرية، تلي ذلك مباشرة شريحة الموظفين العاديين الذين اتخذت الجماعة بحقهم قرارات إقصاء جماعية طيلة السنوات الست الماضية.
وكانت الجماعة قد اعترفت مطلع عام 2018 بفصل 25 ألف موظف مدني من وظائفهم؛ حيث قامت بتعيين أتباعها في أغلب الوظائف الإيرادية، وحرمت آلاف اليمنيين من حقهم في تولي المناصب العليا والوسطى، وصولاً إلى المراتب الوظيفية الدنيا التي باتت الأولوية فيها للموالين للمشروع الحوثي.
ومع قيام الجماعة بوقف رواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرتها منذ نحو أربع سنوات، دفعت بآلاف من أتباعها لاحتكار الوظيفة في القطاعات الإيرادية مثل الاتصالات والضرائب؛ حيث يحصلون فيها على كافة المزايا المالية، بخلاف غيرهم من الموظفين في القطاعات غير الإيرادية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net