الاختبارات الجينية المنزلية… هل ترصد المخاطر المرتبطة بالقلب؟


لا تكشف نتائج أجهزة الاختبارات الجينية المنزلية سوى معلومات محدودة حول حجم المخاطر التي تواجه مستخدميها، فيما يخص معدلات الكوليسترول المرتفعة على نحو استثنائي أو تخثرات الدم الضارة.
تشير الأرقام الإحصائية إلى أن قرابة 30 مليون أميركي استخدموا أجهزة الاختبارات الجينية التي تباع إلى المستهلكين مباشرة، مثل أجهزة «23 آند مي» 23andMe، و«أنسستري Ancestry».
– اختبارات جينية
في الوقت الذي يشعر البعض ممن يستخدمون هذه الاختبارات بمجرد فضول إزاء إرثهم العرقي، فإن الكثيرين يدفعون مبالغ إضافية من أجل التعرف على مدى قابلية أجسامهم للتعرض لأمراض وظروف بعينها. لكن السؤال: هل بإمكان نتائج تلك الاختبارات إخبارك بأي معلومات مفيدة حول احتمالات إصابتك بأمراض في القلب، وهي القاتل الأول على مستوى البلاد؟
فيما يخص مرض الشرايين التاجية في القلب، الذي يعتبر وبفارق كبير عما سواه، الحالة الأكثر شيوعاً من أمراض القلب، فإن الإجابة هي «ربما»، حسبما يقول د. براديب ناتاراجان، مدير شؤون الوقاية من أمراض القلب بمستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد. ويضاف: «الجينات مجرد جانب واحد فحسب من المخاطر التي يواجهها شخص ما، بينما تلعب العادات المرتبطة بأسلوب الحياة مثل التدخين والنظام الغذائي وممارسة التدريبات الرياضية دوراً أكبر».
وفي الوقت الراهن، لا تزال عوامل المخاطر التقليدية، مثل معدلات الكوليسترول وضغط الدم، تشكل السبيل الأمثل للشروع في تقييم مدى إمكانية إصابة شخص ما للإصابة بمرض شرايين القلب التاجية، الذي يعد بدوره السبب الجذري وراء غالبية النوبات القلبية.
وعادة ما ينجم مرض القلب التاجي عن نسخ (أو متغيرات) متنوعة داخل العديد من الجينات، لكنه ينشأ من حين لآخر من متغيرات متنوعة من جين واحد. وينطبق هذا الأمر على حلاة «فرط كوليسترول الدم العائلي» familial hypercholesterolemia، وهي حالة أحادية الجين تؤثر على حوالي واحد من بين كل 250 بالغا، وتسبب ارتفاعاً غير عادي في مجمل معدلات الكوليسترول، يصل أحياناً إلى 500 مليغرام لكل دسيلتر أو أكثر.
– الكوليسترول والتخثرات
لا تتفحص غالبية الاختبارات الصحية الجينية التي يجري بيعها مباشرة إلى المستهلكين كامل الجينوم في الجسم، وإنما تركز اهتمامها على متغيرات جينية معينة ترتبط بأمراض أو حالات صحية محددة. وتتضمن النتائج معلومات حول العديد من الحالات المرتبطة بمشكلات ترتبط بأوعية القلب.
على سبيل المثال، يوفر كل من «23 آند مي» و«أنسستري» معلومات حول «فرط كوليسترول الدم العائلي» وكذلك حالة ازدياد التخثرات الدموية الوراثية (أهبة التخثر أو فرط الخثورية) hereditary thrombophilia.
وقد يشير تقرير الاختبارات الجينية إلى أنك لا تحمل أياً من الـ24 متغيراً جينياً المرتبطة بجينات حالة «فرط كوليسترول الدم العائلي». ومع ذلك فإنه يوجد الآن أكثر من 2000 متغير جيني يعتبر السبب في حدوث هذه الحالة المرضية. وفيما يخص فرط التخثر الوراثي، هناك على الأقل 22 متغيراً، لكن الاختبارات المتاحة تتفحص اثنين منها فقط.
ويعني ذلك أنه ربما يبقى لديك واحد من المتغيرات الكثيرة التي لم يجر تضمينها في الاختبار، حسبما توضح رينيه بيليتييه، الاستشارية بمجال الوراثة لدى عيادة الجينوم الوقائية في مستشفى ماساتشوستس العام. وقد شرحت هذه الفكرة لمرضاها باستخدام مثال الكتاب. وقالت: «المعلومات التي تحصل عليها من المصفوفة الوراثية تشبه ما تتعلمه من القراءة السريعة لكتاب بحثاً عن أخطاء هجائية». ربما ترصد بعض الأخطاء، لكن من المحتمل أن تفوتك الكثير منها. وعلى النقيض، تعتمد الاختبارات داخل العيادة التي تعمل بها على قراءة كل حرف من كل كلمة ورصد جميع الأخطاء الهجائية.
– التحقق من النتائج
على الجانب السلبي، إذا ما أوحى اختبار منزلي بأن لديك واحدة من المتغيرات الجينية، من المهم أن تتابع مع طبيب للحصول على اختبار سريري للتحقق من النتائج، تبعاً لما يذكره د. ناتاراجان. وينبغي الانتباه في هذا الصدد إلى أن مستوى التجكم بجودة أجهزة الاختبار التي تباع مباشرة إلى العملاء، تختلف من جهاز لآخر، كما تشيع النتائج الإيجابية الخاطئة (التي تعني إشارة جهاز الاختبار إلى وجود متغيرات جينية معينة لديك بينما في واقع الأمر فإن جسمك يخلو منها).
وتوفر بعض الشركات للعملاء القدرة على الاطلاع على بيانات وراثية «خام»، التي يمكن تنزيلها وإرسالها إلى خدمة تشكل طرفاً ثالثاً. بعد ذلك، تضع هذه الشركات تقريراً يتضمن نسخاً غير واردة في التقرير الأصلي. ومع هذا، لا يعتبر هذا التقرير دقيقاً بدرجة جديرة بالاعتماد عليها هو الآخر.
ولذلك، فإنك إذا رغبت في الحصول على مشورة تتعلق بمخاطرة إصابتك بأمراض القلب، فإن الاختبار المنزلي لا جدوى منه. وإذا عانى أحد أقاربك من مشكلات في القلب قبل سن الـ50، فعليك أن تستفسر من طبيبك عن مدة إمكانية تحويلك إلى استشاري في مجال الوراثة.
– مخاطر المتغيرات الجينية على القلب
> في محاولة لتحسين جهود وضع التوقعات عن الإصابة بأمراض القلب، يعكف العلماء على البحث عن إشارات جينية، بالاعتماد على أساليب التعامل مع سلسلة الحامض النووي على نطاق واسع. ومثلما هو الحال مع العديد من الحالات، يتسم مرض القلب التاجي بكونه وراثيا، ما يعني أن عدداً من الجينات المختلفة مرتبطة به. وتلعب الكثير من هذه الجينات أدواراً في تنظيم ضغط الدم والكوليسترول وسكر الدم.
ويمكن لآلاف المواقع المختلفة في سلسلة الحامض النووي (يطلق عليها متغيرات جينية) التأثير على مستوى مخاطر الإصابة بنوبة قلبية في منتصف العمر، وقد يكون لدى الأفراد صفرا من المتغيرات، أو نسخة واحدة أو نسختين من كل متغير. وبينما تسهم بعض المتغيرات الجينية في زيادة المخاطر لديك، فإن متغيرات أخرى تقلصها. وبالتالي، فإن حساب المتغيرات لدى شخص ما معاً يطرح قياساً للمخاطر الجينية.
حتى يومنا هذا، تقدم الدراسات المعتمدة على الحسابات الوراثية تلك، تحسينات متواضعة في مجال التوقعات لمدى مخاطر إصابة شخص ما بأمراض قلبية وعائية في منتصف العمر، حسبما يشرح الطبيب المتخصص في أمراض القلب براديب ناتاراجان، والبروفسور المساعد بمدرسة هارفارد للطب. إلا أن هذه الحسابات ربما تكون مفيدة إذا ما جرى استغلالها في مرحلة مبكرة من العمر.
من جهته يوضح د. براديب أن معرفة المخاطر التي يواجهها الإنسان في سن أصغر ربما يشجعه على اتباع أنماط سلوك صحية بدرجة أكبر والتمسك بها، الأمر الذي قد يتضمن الاستخدام المبكر لأدوية وقائية. وما تزال دراسات جارية لاختبار مدى صحة هذه الفرضية.
– رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net