عقار وقائي واعد لعلاج الصداع النصفي

الصداع النصفي هو أكثر أنواع الصداع شيوعاً، حيث تشير الدراسات الاستقصائية إلى أن ما يزيد على 39 مليون أميركي يعانون منه، وكثير منهم عانى من هذا المرض منذ الطفولة، وهو أكثر شيوعاً عند الإناث منه عند الذكور، حيث يعاني ما يقرب من 3 أضعاف عدد الإناث من هذه الحالة المزمنة. وفي حين أن الصداع النصفي يمكن أن يظهر في 4 في المائة إلى 10 في المائة من الأطفال في سن المدرسة، فإن ذروة ظهوره تتراوح بين 25 و50 عاماً لكل من الرجال والنساء. وعلى الرغم من أن دراسة الصداع النصفي الأميركية كشفت عن أن 18.2 في المائة من النساء و6.5 في المائة من الرجال أبلغوا عن حالات الصداع النصفي، فإن النساء أبلغن عن نوبات أكثر شدة وإعاقة من الرجال، وفقاً لدراسة ليبتون آر بي وزملائه بعنوان «Migraine diagnosis and treatment: results from the American Migraine Study II».
ويُعدّ الصداع النصفي السبب الرئيس الثاني المرتبط بسنوات الإعاقة في المملكة العربية السعودية، وفقاً لدراسة العبء العالمي للأمراض (Global Burden of Disease (GBD))، المنشورة في مجلة «لانسيت» 2017، وتتفوق معدلات انتشار المرض في المملكة على غيرها من المعدلات العالمية.

مؤتمر عالمي
اختتم يوم السبت الماضي 14 يناير (كانون الثاني) 2023، في جدة، الملتقى الطبي الأوسع من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، المؤتمر الـ18 للاتحاد العربي لجمعيات طب الأعصاب، والمؤتمر الـ16 للجمعية السعودية للأعصاب، والمؤتمر الـ13 الخليجي لطب الأعصاب، تحت رعاية شركة «أبفي AbbVie» السعودية، مع رعاة آخرين، لمناقشة تحديات ومستجدات طب الأعصاب على المستوى العالمي.
أوضح رئيس المؤتمر الدكتور يوسف السيد، رئيس الجمعية السعودية لطب الأعصاب، أن من أهم المواضيع التي نُوقشت في المؤتمر «تحديث في الفسيولوجيا المرضية للصداع النصفي» و«العلاج التداخلي لمرض الصداع» و«الرعاية الصحية الرقمية بالمملكة العربية السعودية: الوضع الحالي والاتجاه المستقبلي» و«الاستشارة في علم الوراثة العصبية (ما يجب أن تعرفه العائلات)» و«متلازمات تصلب واستثارة الجهاز العصبي» و«اختبار وتقييم الجهاز العصبي اللاإرادي» و«التهاب العصب البصري: الجيد والسيئ والأسوأ» و«خمس دراسات للتصوير العصبي تحتاج إلى معرفتها» وغيرها من المواضيع.
وقال نائب الرئيس ورئيس الفروع بالجمعية السعودية للأعصاب الدكتور فيصل السويدان، إن المؤتمر يمثّل حلقة هامة من جهود الأطباء المختصين، وسعياً جادّاً لتحقيق الأهداف الرامية إلى ترسيخ العمل والتعاون من أجل خدمة للمرضى. وقد حضره نخبة من أطباء الأعصاب والخبراء والاستشاريين من مختلف دول العالم.
كما أوضح الدكتور خالد القاضي، رئيس المؤتمر المشارك، أن السعودية تخطو خطوات كبيرة لتوفير ما يستجد من العلاجات بمجال طب الأعصاب طبقاً لآخر الأبحاث العلمية، مشيراً إلى جهودها للمساعدة في تحسين جودة الحياة، وتوظيف أفضل التقنيات، واستثمار أفضل الكفاءات الطبية، وتوفير بيئة صحية متميزة.

أنواع الصداع
تحدثت في المؤتمر البروفسورة سيان سبيسي Prof. Sian Spacey مديرة عيادة الصداع قسم طب الأعصاب بجامعة كولومبيا البريطانية ولديها زمالة في علم الوراثة العصبية في كوينز سكوير جامعة لندن، وقالت، يُعد الصداع مشكلة شائعة على مستوى الرعاية الصحية الأولية ويصنف بسهولة في أكثر 10 حالات. ويتراوح الصداع من حالات عرضية وحميدة نسبيا إلى حالات مزمنة ومتعمقة، وفي بعض الأحيان يكون مؤشراً على اضطراب كامن وخيم. يواجه أطباء الأسرة تحدياً لتشخيص سبب الصداع بشكل محدد – ومتى يحتاج المريض إلى تصوير فوري، والاستخدام المناسب لطرق التشخيص وعلاج الأسباب الشائعة.
يصنف الصداع على أنه إما أولي أو ثانوي، وقد قسم إلى فئات عدة من قِبل جمعية الصداع الدولية (IHS). وهناك أربعة أنواع رئيسية من الصداع: الصداع النصفي migraine، صداع التوتر tension، والصداع العنقودي cluster، والمتنوع. وأكثر أنواع الصداع الحادة شيوعاً هو الصداع النصفي، من خلال تسجيل عدد زيارات المرضى.
قد يعكس الصداع الثانوي أمراضاً كامنة خطيرة، مثل الورم الخبيث، النزيف داخل الجمجمة، اضطرابات التمثيل الغذائي، التهاب الجيوب الأنفية، ومتلازمة المفصل الصدغي الفكي، والألم العصبي القحفي الدماغي.

الصداع النصفي
تحدث في المؤتمر الدكتور عبد الرزاق البلالي، استشاري طب الأعصاب والصداع البورد الكندي في اضطرابات الدماغ والأعصاب والصداع المزمن – عن المستجدات في الفسيولوجيا المرضية للصداع المزمن.
إن فهم الفسيولوجيا المرضية للصداع النصفي يتقدم بسرعة، وقد أدى توصيف وتشخيص سماته السريرية المحسنة إلى اعتبار الصداع النصفي اضطراباً معقداً ومتغيراً في وظائف الجهاز العصبي وليس مجرد صداع وعائي. وقد قدمت الدراسات الحديثة رؤى جديدة مهمة حول أسبابه الوراثية، والسمات التشريحية والفسيولوجية، والآليات الدوائية.
إن تحديد الجينات الجديدة المرتبطة بالصداع النصفي، وتصوير مناطق الدماغ التي يتم تنشيطها في المراحل الأولى من نوبة الصداع النصفي، والتقدير الأكبر للدور المحتمل للأعصاب العنقية، والاعتراف بالدور الحاسم للببتيدات العصبية، إنها كلها من بين التطورات التي أدت إلى أهداف جديدة لعلاج الصداع النصفي. ستتمتع إدارة الصداع النصفي مستقبلاً بالقدرة على تصميم العلاجات بناءً على الآليات المتميزة للصداع النصفي التي تؤثر على كل مريض منفرداً.
وتشمل عوامل الخطر لنوبات الصداع النصفي، ومحفزاتها هذه الجوانب:
> يبدو أن الصداع النصفي اضطراب وراثي، حيث أبلغ نحو 90 في المائة من المصابين بالصداع النصفي عن إصابة أحد أقاربهم بالحالة نفسها.
> الصداع النصفي الناتج من الدورة الشهرية. من غير الواضح ما إذا كانت نوبات هذا الصداع هي فئة معينة أم أنها مجرد نوع شائع من الصداع النصفي الناجم عن انخفاض مستويات هرمون الاستروجين. وتقل نوبات الصداع النصفي أثناء الحمل وبعد انقطاع الطمث.
> يمكن أن تتسبب العديد من العوامل في حدوث الصداع النصفي، ومن أكثرها شيوعاً: التوتر، صدمات الرأس وإجراءات علاج الأسنان.
> قد يتسبب الصداع النصفي عن بعض الأدوية مثل: النترات، والسيلدينافيل، مضادات ارتفاع ضغط الدم، والعلاجات الهرمونية.

الاعراض والتشخيص
> الأعراض. تشمل معايير الجمعية العالمية للصداع (IHS) الأعراض التالية: ألم صداع معتدل إلى شديد، مدته من 4 إلى 72 ساعة، مع خفقان، غثيان أو قيء، وحساسية الضوء و- أو الصوت، والتفاقم بسبب النشاط. هذه أنواع صداع كبيرة تمنع المرضى من القيام بأعمالهم اليومية.
يصيب الصداع النصفي الكلاسيكي نحو 15 في المائة من هؤلاء المرضى ويصاحبها هالة تنبؤية (aura)؛ أما الباقي فليس لديهم هالة مصاحبة ويعرفون بالصداع النصفي الشائع. تشمل أعراض هالة الصداع النصفي اضطرابات بصرية مؤقتة أو غيرها من الاضطرابات التي عادة ما تظهر قبل أعراض الصداع النصفي الأخرى، وتحدث عادة في غضون ساعة قبل أن يبدأ ألم الرأس وتستمر بشكل عام أقل من 60 دقيقة.
> التشخيص. باستخدام برنامج وملخصات الجمعية العلمية السنوية للأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة يتم التركيز على 4 أسئلة محددة. وفد ثبت أنه طريقة فعالة لتشخيص الصداع النصفي: هل تعاني من الصداع الذي يتعارض مع العمل أو الوظيفة أو الأسرة؟ هل استقر نمط الصداع لديك خلال الأشهر الستة الماضية؟ كم مرة تعاني من الصداع؟ ما مدى فاعلية علاجك الحالي للصداع؟
> اختبارات مختبرية: اختبار أمراض الغدة الدرقية وفقر الدم؛ لأن هذه الحالات يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الصداع النصفي. التحقق من وجود الأجسام المضادة لمضادات الكارديوليبين؛ لأن مرضى الصداع النصفي المصحوب بـ«أورة» والذين لديهم هذا الجسم المضاد معرضون بشكل أكبر للإصابة بالسكتة الدماغية. كما تزيد حبوب منع الحمل من مخاطرها. لا قيمة لتخطيط كهربية الدماغ في تشخيص الصداع.

علاج الصداع النصفي
> علاج وقائي حديث للصداع النصفي. وافقت الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية (SFDA) على أحدث عقار طبي لمرضى الصداع النصفي «الشقيقة» الذي تم الإعلان عنه خلال هذا المؤتمر من قبل شركة (أبفي AbbVie). ينتمي العقار إلى فئة من العقاقير تسمى مضادات مستقبلات الببتيد المرتبط بالجينات (CGRP) وتسمى (atogepant)، التي تعمل عن طريق منع المسار الذي يبدو أنه يلعب دوراً في تنشيط الصداع النصفي. وُصف العلاج بالخيار الجديد لكثير من المرضى الذين لا تناسبهم الخيارات العلاجية الأخرى المتاحة لمرض الصداع النصفي. وتُعدّ المملكة واحدة من أوائل الدول التي تقدّم هذا الخيار العلاجي خارج الولايات المتحدة الأميركية.

* علاج الألم. ويشمل:
– الصداع النصفي الحاد: تستخدم الأدوية المسكنة التي لا تستلزم وصفة طبية، مثل الأسيتامينوفين والأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs)، إرغوتامين (ergotamines)، المخدرات (narcotics)، تريبتان (triptans)، أوبروجيبانت (ubrogepant). يعتمد اختيار الدواء على طبيعة وشدة الصداع. بالنسبة للعديد من المرضى، تعدّ المسكنات غير النوعية من عوامل الخط الأول فعالة من حيث التكلفة.
– الصداع النصفي المزمن: (العلاج والوقائية)، المرضى الذين يعانون من 2 – 4 نوبات صداع كبيرة شهرياً وتعطل أعمالهم اليومية، يجب أن يتم إعطاؤهم الأدوية الوقائية. ولكي تكون فعالة، يجب تناولها يومياً. يوصي اتحاد الصداع العالمي باستخدام بروبرانولول أو أميتريبتيلين أو حمض فالبرويك للوقاية. للصداع النصفي الناتج من الدورة الشهرية، تستخدم حاصرات قنوات الكالسيوم للوقاية. كما يمكن استخدام الأدوية المضادة للصرع والمضادة للاكتئاب في الوقاية من النوبات. الهدف من العلاج هو تقليل النوبات بنسبة 50 في المائة، وخفض شدة النوبات التي لا يمكن منعها بنسبة 50 في المائة، حيث إن إيقاف الصداع تماما ليس هدفاً واقعياً، وفقاً لدليل العلاج للأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة.
– صداع التوتر: تشمل خيارات المعالجة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAID)، أسيتامينوفين، بوتالبيتال، مرخيات العضلات، العلاج الطبيعي، التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد (TENS)، الموجات فوق الصوتية، الوخز بالإبر، وتحسين وضعية النوم باستخدام وسائد لتقويم العظام. يجب مراعاة الاستخدام الوقائي للأميتريبتيلين للأشخاص الذين يعانون من أكثر من 15 – 18 نوبة صداع في الشهر.

* طرق علاجية:
– تحفيز العصب القذالي (occipital nerve stimulation): على الرغم من وجود بعض الأدلة على أنه قد يكون فعالا في علاج اضطرابات الصداع المزمنة، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات قبل اعتبار هذا النهج علاجاً روتينياً للصداع.
– – تخدير العصب الطرفي (Peripheral nerve blocks): هو أحد العلاجات التدخلية الأكثر استخداماً للصداع. يتكون من دواء يتم إعطاؤه عن طريق حقنة بإبرة صغيرة يتم حقنها في أو بالقرب من العصب المتسبب في الصداع.
– حقن سم البوتولينيوم (Botulinum toxin injections): أو البوتوكس، آمنة وفعالة للصداع النصفي المزمن. الوخز بالإبر لرأس المريض وعنقه وكتفيه، كل ثلاثة أشهر. علاج بديل للعديد من الأدوية الفموية التي يتم تناولها يومياً وقد تكون مرتبطة بآثار جانبية لا تطاق.
– حقن نقطة الألم (Trigger – Point Injections): علاج فعال للصداع النصفي واضطرابات الصداع الأخرى. يتم إعطاء الحقن في عضلات مختلفة في فروة الرأس والرقبة والكتفين التي تسبب آلاماً في الرأس.
* استشاري طب المجتمع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net