اتهامات الارتباط بين «الإخوان» و«داعش»… هل تؤجج الخلافات مع تركيا؟

ما زالت الاتهامات التي وجهها مسؤول تركي لتنظيم «الإخوان» بشأن «تسلل الجماعات (الإرهابية) إليه وبخاصة (داعش) الإرهابي»، تُثير المخاوف داخل «الإخوان» من «تضييقات تركية محتملة». فيما جددت الاتهامات التساؤل حول «إمكانية تسليم تركيا عناصر التنظيم المطلوبين لمصر». وقال خبراء أصوليون إن «تصريح المسؤول التركي قد يكون مقدمة لـ(تصعيد قادم) تجاه التنظيم في إسطنبول». ولم يستبعد الخبراء «قيام الجانب التركي بتحركات لتوقيف العناصر الإخوانية التي تواصلت مع (داعش) أو انضمت إليه».
وللمرة الأولى تحدث مسؤول في الحكومة التركية صراحةً عن وضع «الإخوان» والأخطاء التي ارتكبها التنظيم، في إطار استعراضه لأسباب «تصعيد بلاده جهودها لإعادة العلاقات مع مصر إلى مسارها الطبيعي». ووجه نائب وزير الثقافة والسياحة التركي سردار تشام، عبر سلسلة تغريدات عبر حسابه على «تويتر»، «انتقادات لـ(الإخوان)». وقال في وقت سابق إن «التنظيم تعرض لانشقاقات واختراقات، وتسللت الجماعات الإرهابية إلى (الإخوان) وبخاصة (داعش)». وأضاف أن «التنظيم فقد موقعه السابق في مصر، وبات يرتبط في أذهان قسم كبير من الشعب المصري بـ(القنابل المتفجرة) و(قتل الأبرياء)، وهو ما تسبب في (كراهية) المصريين لـ(الإخوان)»، على حد قوله.
الخبير في الشأن الأصولي بمصر، أحمد بان، يرى أن «اتهامات ارتباط (داعش) و(الإخوان) تؤثر على (شكل) التنظيم، وتجعله في مرمى أي عقوبات من الأتراك أو غيرهم، خصوصاً أن (الإخوان) اكتسبوا ثقتهم بأنفسهم عبر الحديث عن أنهم (حزام مانع) ضد (التطرف)، لكن عندما تتم إثارة علاقة (الإخوان) و(داعش) فهذا يكفي لكشف (مزاعم الإخوان)»، مرجحاً أن يكون «الربط بين (الإخوان) و(داعش) عبر بعض التصريحات الرسمية، هو مسعى من الحكومة التركية للإشارة إلى انتفاء العلاقة مع التنظيم».
وشرح: «هناك إدراك تركي لأن (الإخوان) لم يعد الرهان كما كان من قبل، وبات أن (الإخوان) لم يحققوا أي نجاح تنظيمي»، مبيناً أنه «وفق تقدير بعض المؤسسات التركية، فإنه لا رهان على (الإخوان)، والرهان على التنظيم كان (رهاناً عاطفياً) من الرئيس التركي فقط، والحكومة التركية في انتقادها لـ(الإخوان) قد يبدو أنها كانت تبحث عن أي (خيط) تُثير به العلاقة بين التنظيمين، لتشير إلى جهودها في مجابهة (الإرهاب والتطرف)».
وصافح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نظيره التركي رجب طيب إردوغان، على هامش افتتاح بطولة كأس العالم التي تستضيفها قطر، في أول لقاء بينهما منذ العام 2013. ووفق نائب وزير الثقافة والسياحة التركي، فإن «هناك أسباباً كثيرة تبرر السعي لعلاقات جيدة مع مصر من جانب تركيا، مثل القضية الفلسطينية، والقرب التاريخي من 100 مليون مصري، والعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين»، لافتاً إلى أن «العلاقات السياسية بين الدول لا تؤسَّس بناءً على العاطفة». وأشار إلى أن «هناك آلاف الصفحات من المحادثات والجهود السابقة التي مهّدت للمصافحة بين الرئيسين التركي والمصري، ليس من جانب واحد ولكن بجهد ثنائي».
وحول مخاوف «الإخوان» من «تضييقات» من الجانب التركي الفترة المقبلة. أوضح أحمد بان لـ«الشرق الأوسط»، أنه «قد يكون هناك تحركات من الجانب التركي لتوقيف بعض العناصر الإخوانية التي تواصلت مع (داعش) أو انضمت إليه، وقد تسلم تركيا بعض عناصر (الإخوان) لمصر، والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية (غيابياً)، وذلك في رسالة لتأكيد (استمرار تطبيع العلاقات مع القاهرة)، وفي رسالة أخرى للداخل التركي بمواجهة (الإرهاب والتطرف)»، مؤكداً أن «تصريح المسؤول التركي مقدمة لـ(تصعيد قادم) من أنقرة تجاه التنظيم، ومع اقتراب الانتخابات التركية المقبلة، قد نرى تحركات أخرى ضد (الإخوان)».
وعن الأوضاع داخل «الإخوان» الآن، لفت الخبير في الشأن الأصولي بمصر إلى أن «هناك مخاوف بين عناصر التنظيم عقب تصريحات المسؤول التركي الأخيرة، وهذه المخاوف كانت موجودة منذ فترة، لكنها زادت الآن، وهناك تحركات لبعض العناصر الإخوانية للخروج من تركيا إلى دولة أخرى، فضلاً عن وجود تباينات بين (الإخوان) بأن تركيا لم تعد (الملاذ الآمن لعناصر التنظيم)».
واتخذت أنقرة خلال الأشهر الماضية، خطوات وصفتها القاهرة بـ«الإيجابية»، وتعلقت بوقف أنشطة «الإخوان» الإعلامية والسياسية «التحريضية» في أراضيها، ومنعت إعلاميين تابعين للتنظيم من انتقاد مصر. واحتجزت السلطات التركية في وقت سابق، إعلاميين موالين لـ«الإخوان» وأبلغتهم بالالتزام بالتعليمات التركية وعدم التحريض ضد مصر.
وفي وقت سابق أكدت دار الإفتاء المصرية أنها «تتبعت أفكار الجماعات (الإرهابية) من (داعش)، و(القاعدة)، و(النصرة)، و(بوكو حرام) وغيرها، ووجدت أن كل المجموعات والجماعات (الإرهابية) المعاصرة، وفقاً للدراسات والأبحاث، تعود في أصولها إلى (الإخوان)».
كما تحدث مفتي مصر، شوقي علام، عن «عنف الإخوان» الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً» أمام البرلمان البريطاني، في مايو (أيار) الماضي. وقام المفتي علام بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية».
وذكر تقرير «الإفتاء» حينها أن «تنظيم (الإخوان) تبنى نهج (الإرهاب والعنف) منذ نشأته باعتراف مرشده الأعلى مصطفى مشهور في ذلك الوقت، الذي قال بـ(ضرورة استخدام العنف والقوة المسلحة)»، مشيراً إلى أن «التنظيم كان يعمل بوجهين، الأول الوجه الظاهر للجماهير، حيث قدم (الإخوان) أنفسهم مصلحين اجتماعيين وقوة معارضة، والثاني تمثل في إنشاء (الجهاز السري) الذي كانت مسؤوليته تنفيذ العمليات (الإرهابية) والاغتيالات».
وأفاد التقرير بأن «مؤسس التنظيم حسن البنا قدم تنظيمه على أنه حركة إصلاحية، ثم شرّع للعنف وأعطاه (صبغة دينية) تحت ذريعة تطبيق الشريعة». أما سيد قطب منظِّر «الإخوان»، فقد «نظَّر لتبرير استخدام العنف». كما استعرض التقرير أذرع «الإخوان المسلحة» بدايةً من «(جوالة الإخوان) التي أسَّسها البنا وضمَّت نحو 45 ألفاً من الشباب الذين تم تدريبهم عسكرياً، بالمخالفة للقانون المصري سنة 1938، وتشكيل التنظيم في عام 1940 جناحه السري المعروف باسم (الجهاد الخاص) أو (الجهاز السري) وكانت مهمته وفقاً لمحمد مهدي عاكف المرشد العام السابق لـ(الإخوان) هو تدريب مجموعة مختارة من أفراد التنظيم للقيام بمهام خاصة».
وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة» وانضمام عدد من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net