آلام الظهر والرقبة في مؤتمر الصحة العربي 2022

اختتمت مساء يوم أمس (الخميس)، أعمال مؤتمر الصحة العربي 2022 المنعقد بمدينة دبي في الفترة من 24 إلى 27 يناير (كانون الثاني)، وحضره أكثر من 56000 متخصص في الرعاية الصحية، واشتمل على مجموعة واسعة من المؤتمرات الطبية المعتمدة من التعليم الطبي المستمر بلغ عددها 12 مؤتمراً في كل المجالات الطبية.
كان من أبرز المؤتمرات، مؤتمرٌ حول مشاكل الهيكل العظمي العضلي وجراحة العظام الذي قدم أحدث المعلومات حول علاجات آلام الفقرات وتقويم العظام والتطورات والإنجازات البحثية، كذلك أحدث التطورات التكنولوجية التي تم إحرازها في تشخيص أمراض العظام وإدارتها وعلاجها، إضافة إلى مجالات البحث والتطورات المستقبلية في جراحة العظام الأساسية والسريرية.
وفي هذا المقال سوف نركز على إحدى مشاكل العمود الفقري الشائعة وهي «آلام الظهر والرقبة».
لقاء
التقى محرر ملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» أحد المشاركين في المؤتمر، الدكتور محمد بيضون، جرّاح الأعصاب والمدير الطبي التنفيذي للشؤون الأكاديمية لدى «مايو كلينك» في أوروبا والشرق الأوسط والهند وأفريقيا الحاصل على تدريب في جراحة العمود الفقري المعقدة وأورام العمود الفقري وصحة الظهر والرقبة ومصمم دليل علاج ومنع آلام الظهر والرقبة، الذي أكد أن منطقة الشرق الأوسط تعد مركزاً مستقبلياً مهماً للابتكار والتعليم الطبي والأبحاث، ومن خلال جهود التعاون في المنطقة، تلتزم «مايو كلينك» بتقديم أعلى مستوى من الرعاية الطبية للمرضى في الدول الخليجية وما حولها. وقد كانت «مايو كلينك» من أحد أكبر المشاركين البارزين في مؤتمر الصحة العربي 2022، ومن أبرز المشاركات: المشاركة في معرض الصحة العربي لهذا العام والالتزام بخدمة قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات والمنطقة.
وجهود تعاون «مايو كلينك» مع مدينة الشيخ شخبوط الطبية، التي تم افتتاحها في أبوظبي عام 2020 كمشروع مشترك. وأخيراً الابتكارات الجراحية الدقيقة، بما في ذلك الجراحات الروبوتية والعلاج بالخلايا الجذعية.

– آلام الظهر والرقبة
تصيب آلام الظهر والرقبة الناس من جميع الأعمار، وقد تترافق هذه الآلام مع الخمول البدني والأنشطة المهنية. تختفي آلام الظهر أو الرقبة، في معظم الأحيان، من تلقاء نفسها، وفي الوقت نفسه، قد تستمر بعض أعراضها أو كلها، مشيرة إلى الحاجة للاستشارة الطبية، وفي حالات نادرة قد تحتاج الذهاب إلى قسم الطوارئ.
يقول الدكتور محمد بيضون إنه عندما تحدث آلام الظهر أو الرقبة، فإن معظم أنشطة الجسم اليومية الطبيعية تتعطل مسببة التغيب عن العمل في أغلب الحالات، الأمر الذي يجعل البحث عن الراحة من آلام الظهر أو الرقبة أحد أكثر الأسباب شيوعاً للذهاب إلى مقدمي الرعاية الصحية. ويمكن أن تتراوح أسباب آلام الظهر والرقبة من العامل الوراثي إلى التعرض لحادث أو مرض شديد. ومع أن معظم آلام الظهر والرقبة تختفي من تلقاء نفسها، فإن النصيحة الطبية تؤكد عدم تجاهل مثل هذا الألم المستمر، لأن الألم هو طريقة الجسم في التحذير من وجود خطأ ما أو مشكلة تحتاج البحث.
ويضيف: «إذا لم يتم التخلص من أعراض آلام الظهر والرقبة في غضون من ثلاثة إلى أربعة أسابيع، أو إذا استجدت أعراض أخرى جديدة ومتفاقمة، مثل التنميل أو الوخز أو الضعف في الذراع أو اليد أو الساق أو القدم، فإن من الواجب استشارة الطبيب وأخذ الرعاية الصحية المناسبة».
ومن أمثلة المشاكل الصحية التي تبدأ بالألم وتتطلب البحث عن الرعاية الطبية ما يلي:
– أن يكون ألم الظهر والرقبة ناتجاً عن حدثٍ مؤلمٍ مثل حادث سيارة أو السقوط.
– أن يصاحب الألمَ حمى تصل إلى 38 درجة مئوية أو أعلى.
– أن يصاحب الألمَ عدم التحكم في الأمعاء أو المثانة.
– أن يصاحب آلام الرقبة صداعٌ أو وخزٌ أو تنميل.
– أن يكون هناك فقدان للقوة في الذراع أو الساق.
– أن يكون الألم شديداً ولا يستجيب للمسكنات العادية المعروفة.

– التشخيص والعلاج
ينصحُ بعمل الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي، إضافة إلى اختبارات أخرى، فهي أساسية في المساعدة على تشخيص وتحديد مشاكل الظهر والرقبة وفي تحديد العلاجات الفعالة التي تتراوح من الرعاية الذاتية إلى الجراحة.
أما عن العلاج، فإن الخبر السار في هذه الحالة المرضية هو أن معظم حالات آلام الظهر والرقبة يمكن معالجتها في المنزل، وعندما لا تكون الرعاية الذاتية كافية، يمكن القيام بشيء للمساعدة – عادة ما تبدأ بتدابير غير جراحية، ومنها ما يلي:
• أولاً: تسكين الآلام. يمكن استخدام الخيارات التالية لتخفيف الألم:
– العناية الذاتية (Self-care)، فقد توفر الكمادات أو التدليك الساخن أو البارد الراحة المطلوبة. وقد تؤدي تمارين الإطالة اللطيفة والتمارين الخفيفة إلى إرخاء العضلات المشدودة. قد تساعد مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية في السيطرة على الألم، ولكن يجب الحرص على تناول هذه الأدوية بالجرعة الموصى بها فقط.
– العلاج الطبيعي (Physical therapy)، يمكن أن يقدم المعالج الفيزيائي تمارين محددة تهدف إلى تخفيف الألم واستئناف النشاط وتحسين القوة والوضعية.
– التدخلات غير الجراحية (Nonsurgical interventions)، يمكن لمجموعة واسعة من التدخلات غير الجراحية أن تعالج آلام الظهر والرقبة، ومنها الوخز بالإبر، والعناية بتقويم العمود الفقري، والحقن إلى تحفيز الأعصاب، والوصفات الطبية.
إذا تم تطبيق هذه التدخلات العلاجية وفق توجيهات الطبيب، ففي الغالب تتم الاستفادة من واحد أو أكثر منها، والعودة إلى الأنشطة اليومية العادية. أما إذا لم تنجح هذه الخيارات، فقد تكون هناك حاجة لعملية جراحية.
عمليات الجراحة
• ثانياً: خيار الجراحة. الجراحة، عادةً، هي الخيار الأخير في علاج آلام الظهر والرقبة. قد لا تزيل الجراحة كل الآلام، وقد لا تعالج أمراضاً مثل التهاب المفاصل الذي يمكن أن يتسبب في تآكل وتمزق عظام العمود الفقري المرتبط بالعمر، وتسمى الفقرات، وأقراص العمود الفقري التي تعمل كممتص للصدمات بين كل فقرتين.
قد تساعد الجراحة عندما تنضغط الأعصاب أو النخاع الشوكي نفسه بسبب التغيرات التنكسية في العمود الفقري. قد يزيل الجراح العظام أو أنسجة القرص التالفة أو كليهما. وقد يستخدم جراحة الدمج بين فقرتين أو أكثر بشكل دائم بهدف القضاء على الحركة المؤلمة بين الفقرات. وأخيراً، قد تستدعي أورام العمود الفقري أو التشوهات اللجوء للعمل الجراحي أيضاً.
• ثالثاً: الجراحة الموجهة. تستمر التطورات التكنولوجية، مثل الجراحة الموجهة بالصور أو الروبوتات، في تحسين نتائج جراحة العمود الفقري للمرضى. إن جميع العمليات الجراحية لها مشاكل محتملة يمكن أن تتراوح من النزيف والعدوى إلى مضاعفات كارثية في حالات نادرة.
وعليه يجب أن يجري الجراح مناقشة صريحة ومفتوحة مع المريض حول مخاطر الإصابة بمضاعفات بناءً على التاريخ الصحي والمرضي، وقد يحتاج اتخاذ القرار إلى الاستعانة برأي ثانٍ ثقة إضافية باختيار الجراحة وأنها هي الطريق الأفضل للعلاج.

– الوقاية
سبل الوقاية من آلام الظهر والرقبة:
– التمرين المنتظم للعضلات والمفاصل والعظام، يقويها ومن ثم يدعم الظهر والرقبة. تساعد التمارين أيضاً في الحفاظ على وزن صحي مما يقلل من الضغط على الظهرك والرقبة. مع ملاحظة أن يبدأ النشاط البدني ببطء وإحماء. وأفضل نشاط يمكن أن يؤديه الجميع هو رياضة المشي، والرقص، واليوغا، والسباحة، وركوب الدراجات، وكل ما يحب الشخص ويروق له من وسائل تحريك العضلات والمفاصل. وينصح عادة بممارسة 30 دقيقة على الأقل من النشاط البدني المعتدل معظم أيام الأسبوع.
– الوضعية الصحية الجيدة للجسم، سواء كان الوقوف أو الجلوس أو الرفع، يمكن أن تؤدي الوضعية السيئة إلى ضعف العضلات المشدودة والأربطة المفرطة التي تضع ضغطاً إضافياً على العمود الفقري. تجنب التراخي.
– العادات الصحية، بما في ذلك طريقة النوم الجيدة وتقنيات الاسترخاء، فإنها تحدث فرقاً كبيراً في الصحة العامة، ويمكنها أن تمنع المشاكل الخطيرة لآلام الظهر أو الرقبة، أو تجعل التعافي منها أكثر سهولة ويسراً.

– 8 علامات لألم الرقبة والظهر تؤكد ضرورة استشارة الطبيب
1. إذا شككت في شدة أعراض آلام الرقبة والظهر واستمرارها، استشر طبيبك، خصوصاً عند توفر إحدى العلامات الثماني التالية:
2. الألم الذي يبقيك مستيقظاً في الليل، وكذلك الألم الذي يزداد سوءاً عند الراحة، خصوصاً عندما يكون مصحوباً بحمى، فقد تكون علامة على وجود عدوى مثل التهاب السحايا (meningitis). يمكن أن تصبح العدوى خطيرة وسريعة، لذلك لا تؤخر الاستشارة الطبية، فالتشخيص والعلاج الفوري قد ينقذ الحياة.
3. إذا كنت مصاباً بالسرطان، وشعرت بآلام الظهر لأول مرة، فقد تكون علامة تحذيرية لسرطان القولون أو المستقيم أو المبيض. قد يؤدي نمو السرطان إلى الضغط على الأعضاء والأعصاب و/ أو الأوعية الدموية؛ مسبباً آلام الظهر. والأسوأ من ذلك، أن الألم يحدث عندما يصبح الورم كبيراً إلى حد ما أو ينتشر.
4. إذا كنت فوق الخمسين من العمر، فاحتمالية حدوث آلام الظهر تزداد. وعند النساء اللائي ما زلن يَحِضْنَ، قد تتزامن زيادة الآلام مع ظهور فترة ما قبل انقطاع الطمث، وفقاً لدراسة أجريت عام 2015 نُشرت في مجلة Menopause Review، وحيث إن الشيخوخة غالباً ما يصاحبها تباطؤ ونمط حياة أكثر استقراراً، فقد تسهم أيضاً في السمنة، والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بألم الظهر. ووجدت الدراسة، أيضاً، أن السمنة (مؤشر كتلة الجسم (BMI) فوق 30) تزيد من انتشار الألم لدى الإناث. هنا يكون استخدام مزيج من العلاج الطبيعي وإدارة الوزن والعلاجات الأخرى ذات الصلة مفيداً جداً.
5. سلس البول والمثانة أو ضعفٌ في الساق، مع فقدان الإحساس في منطقة المقعد من أعراض متلازمة ذيل الفرس (cauda equina syndrome)، وهي حالة خطيرة للغاية تتطلب رعاية طبية فورية، وجراحة عمود فقري طارئة.
6. إذا أُصبت مؤخراً بسقوط أو ضربة أو حادث، فيجب أن يفحص الطبيب آلام الظهر أو الرقبة في أسرع وقت ممكن، خصوصاً إذا كنت مصاباً بهشاشة العظام وسقطت مؤخراً أو تعرضت لحادث، فهناك احتمال متزايد لإصابة العمود الفقري.
7. إذا انتشر الألم أسفل الرجل أو الذراع، مع الضعف والخدر و/ أو الأحاسيس الكهربائية التي تنزل إلى ساق واحدة (عرق النسا sciatica). ولتشخيص عرق النسا، تتم إثارة الأعراض عن طريق اختبار الجلد (Dermatome) الذي تغذيه جذور الأعصاب الشوكية لتحديد جذر العصب الفقري أو الجذور المتهيجة. في المقابل، قد يساعد هذا في جعل اختيار العلاج دقيقاً قدر الإمكان.
8. تفاقم الأعراض سوءاً مع الانحناء أو ثني الركبتين نحو الصدر، هو مؤشر آخر محتمل لمشكلة الانزلاق الغضروفي التي تشمل انتفاخ القرص الغضروفي أو تفتقه أو المرض التنكسي التآكلي.
9. أعراض تضيق العمود الفقري الكلاسيكية، التقلصات، الضعف، الألم و/ أو الوخز في الساقين خصوصاً عند المشي، تستوجب استشارة الطبيب فوراً، فالتشخيص والعلاج المبكران أساسيان لنتائج شفاء أفضل.

– استشاري طب المجتمع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net