تونس: منشقون عن «النهضة» لتأسيس حزب جديد

أكدت مصادر سياسية تونسية أن عشرات القيادات المستقيلة من حركة النهضة تستعد لتأسيس حزب سياسي جديد، بعيداً عن الحزب الذي يقوده راشد الغنوشي، موضحة أنها تجري حالياً مشاورات مع الأعضاء الذين استقالوا من الحركة، وتعمل على إعداد المسار القانوني لإطلاق هذا الحزب قريباً.
ومن المتوقع أن يكون الحزب الجديد متقارباً مع النهضة في بعض خياراته الفكرية والآيديولوجية، غير أنه لن يعتمد، بحسب المصادر ذاتها، نفس الاستراتيجية في تعامله مع الساحة السياسية والمنظمات الاجتماعية. ووفق عدد من التصريحات فإنه من المنتظر أن يكون الحزب الجديد «وسطياً مفتوحاً أمام كل من يؤمن بهوية الشعب التونسي العربي الإسلامي»، وأن رئاسة الحزب الجديد ستؤول لعبد الفتاح مورو، القيادي السابق في حركة النهضة، على أن تضم قيادة هذا الحزب كلاً من عبد اللطيف المكي، ومحمد بن سالم، وسمير ديلو، وعدداً من أعضاء مجلس البرلمان المجمد.
وشهدت حركة النهضة بعد تفعيل الفصل 80 من الدستور، وإقرار التدابير الاستثنائية التي أفضت إلى تجميد أنشطة البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، موجة استقالات لقيادات وأعضاء من المكتب التنفيذي للحركة، احتجاجاً على فشل محاولات إصلاح الحزب من الداخل، وعدم إقرار القيادة الحالية تحمل مسؤولياتها الكاملة لما وصلت إليه الحركة من عزلة داخل الساحة الوطنية، بالإضافة إلى تحميلها قدراً كبيراً من المسؤولية لما آل إليه الوضع العام من تدهور، فسح المجال للانقلاب على الدستور وعلى المؤسسات المنبثقة عنه».
في سياق ذلك، قال أمين عام «الاتحاد العام التونسي للشغل»، أكبر المنظمات الوطنية والنقابية في تونس، أمس بحسب وكالة الأنباء الألمانية، إنه «لن يكون هناك عودة إلى الحكم الفردي». في إشارة إلى الإصلاحات السياسية المتوقعة، التي يجري ترتيبها من قبل الرئاسة.
وأضاف الأمين العام نور الدين الطبوبي، خلال حضوره مؤتمراً لمناقشة «اتفاق التبادل الحر في قارة أفريقيا» للصحافيين «نريد نظاماً سياسياً لا يقوم على اليد المطلقة، ولا عودة إلى الحكم الفردي». مشدداً في المقابل على أنه «لا توجد قطيعة مع الرئاسة، ولكن هناك اختلافاً في وجهات النظر… نريد حكماً متوازناً يقوم على الرقابة والمساءلة، والمؤسسات الدستورية ودولة القانون».
وتفاقم الخلاف بين اتحاد الشغل، الذي يملك نفوذاً تقليدياً وتاريخياً في الحياة السياسية في تونس منذ منتصف القرن الماضي، ومؤسسة الرئاسة بشأن الإصلاحات السياسية، التي ستعقب قرارات 25 يوليو (تموز) الماضي، ومن بينها أساساً نظام الحكم والحوار الوطني الذي سيسبقه.
وفي حين يشدد «الاتحاد» على «مبدأ التشاركية» في اتخاذ القرارات، فإن الرئيس سعيد لم يوضح صيغة الحوار الوطني، الذي أعلن عن إطلاقه قريباً.
كما أنه لم يشر إلى أي دور للأحزاب والمنظمات.
ومن جهته، كشف هيكل المكي، القيادي في حزب حركة الشعب المؤيدة للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد، عن طبيعة الحوار الوطني الذي سيطلقه رئيس الجمهورية، والأطراف المزمع إشراكها في هذا الحوار. وقال في اجتماع عقده في مدينة صفاقس (وسط شرقي) إن حركة الشعب تحضر استراتيجية لهذا الحوار بتشاور مع رجال القانون والمنظمات الاجتماعية، وعلى رأسها نقابة العمال وأحزاب وشخصيات وطنية. موضحاً أن هذه الاستراتيجية ترتكز على تغيير المنظومة الانتخابية، التي وصفها بـ«الفاسدة»، بمنظومة أخرى لا يتدخل فيها المال الفاسد، مع ضرورة تركيز وتقوية السلطة التشريعية والتنفيذية، واستبدال منوال التنمية، على حد تعبيره.
في المقابل، عبر حزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» عن قلقه من استمرار الأزمة السياسية في تونس، والمصاعب الاقتصادية الخانقة، منتقداً «خرق الدستور دون أي خطة أو خريطة طريق للخروج من الوضع الاستثنائي، ودون أي توجه تشاركي جدي لصياغة حل للأزمة السياسية والمؤسساتية».
وقال خليل الزاوية، رئيس «التكتل» لـ«الشرق الأوسط» إن «تونس تعاني من غياب تام لبرنامج إصلاح حكومي»، مستغرباً عدم التواصل مع الشعب، وعدم قدرة الحكومة على مواجهة التحديات القائمة، أو تقديم قانون مالية في الآجال الدستورية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net