خروقات قانونية ودستورية بالجملة يرتكبها البرلمان العراقي

أصدر«المرصد النيابي العراقي» التابع لمؤسسة «مدارك» المستقلة للدراسات، أمس، تقريره الشامل والنهائي المتعلق بالأعمال التشريعية والرقابية والمخالفات الدستورية والقانونية التي قام بها وارتكبها البرلمان العراقي خلال دورته الرابعة (الحالية) التي بدأت مطلع عام 2018، واستمرت لنحو ثلاث سنوات ونصف السنة وتنتهي نهاية الأسبوع الحالي.
وسبق أن أصدر المرصد تقريرين مماثلين عن أعمال البرلمان في دورتيه الثانية والثالثة. وأُعلن التقرير خلال حفل أقيم ببغداد، أمس، وبحضور مجموعة من الأكاديميين والصحافيين ومرشحين جدد للبرلمان وعدد من وسائل الإعلام المحلية. وقال رئيس المرصد والمشرف على إعداد التقرير مزهر الساعدي، إن «الدورة الحالية منتهية الولاية شهدت خروقات قانونية ودستورية خطيرة لم تشهدها الدورات السابقة، ومنها مثلاً امتناعها عن نشر غيابات أعضاء البرلمان وعدم أداء اليمين الدستورية لبعض النواب». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدم نشر غياب الأعضاء معناه التستر على الغرامات المالية القانونية التي تفرض على الأعضاء المتغيبين، وتتراوح بين 500 ومليون دينار عراقي عن كل جلسة».
وعن الصعوبات التي واجهها المرصد خلال مراحل إعداده للتقرير، يؤكد الساعدي أن «عدم تعاون هيئة الرئاسة كان من المشاكل الجدية التي واجهتنا، لكننا شهدنا تعاوناً جيداً من قبل الدائرتين الإدارية والإعلامية في البرلمان، وقدموا لنا كل التسهيلات والبيانات المطلوبة».
وطبقاً للنسخة الموجزة من التقرير النهائي التي وزعها المرصد، فإن المخالفة الأولى التي رصدها من إجمالي المخالفات الدستورية والقانونية الكثيرة في عمل البرلمان، تتعلق بعدم تأدية أربعة نواب اليمين الدستورية؛ وهم: رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، ورئيس تحالف «النصر» حيدر العبادي، إضافة إلى محافظ كركوك راكان سعيد، وبناءً على ذلك، فإن البرلمان مارس أعماله بغياب أربعة أعضاء وعمل بـ325 نائباً فقط من إجمالي 329 عضواً، وهي مخالفة وسابقة تحدث لأول مرة في الدورات البرلمانية الأربعة.
كما رصد التقرير مخالفة هيئة الرئاسة للمادة (18) من النظام الداخلي التي تنص على «وجوب نشر الحضور والغياب في نشرة المجلس الاعتيادية وإحدى الصحف»، حيث لم ينشر أسماء الأعضاء المتغيبين في نشرة المجلس أو إحدى الصحف، «لم يكتمل حضور أعضاء المجلس في أي جلسة من جلسات هذه الدورة».
ومن بين المخالفات التي ذكرها التقرير، وهي مخالفات موروثة عن الدورات السابقة، «استمرار المجلس بعدم التصويت على حساباته الختامية في مخالفة للمادة (143) من النظام الداخلي». كذلك خالف المجلس «لأكثر من مرّة»، نظامه الداخلي في مادته (22) الفقرة ثالثاً التي تُلزمه بعقد 8 جلسات في الشهر الواحد.
وذكر تقرير المرصد النيابي أن المجلس «لم يعقد أي جلسة من جلساته في وقتها المعلن عنه في جدول الأعمال، وكذلك لم ينشر محاضر 6 جلسات حتى موعد إعداد التقرير مخالفاً بذلك نظامه الداخلي».
وبشأن المخالفات المستمرة والموروثة منذ عدّة دورات، تحدث تقرير المرصد عن استمرار البرلمان في مخالفة المادة (73) من النظام الداخلي، التي تتعلق بـ«استمرار المجلس في عملية توزيع الأعضاء على اللجان البرلمانية من دون محددات واضحة، حيث نجد أن بعض اللجان فيها 25 نائباً، بينما البعض الآخر لم يكتمل بها الحد الأدنى من عدد الأعضاء، كما في لجان الشباب والرياضة (5 أعضاء فقط)، والثقافة والإعلام والسياحة والآثار (5 أعضاء فقط)». كذلك «استمرار خلو لجان (اجتثاث البعث، مؤسسات المجتمع المدني والتطوير البرلماني) من وجود نائب للرئيس، فضلاً عن مقرر اللجنة».
وكشف التقرير عن ضعف الأداء التشريعي للبرلمان الحالي حيث رصد قيامه بعقد 173 جلسة أقرّ خلالها 92 قانوناً فقط، بالمقارنة مع الدورة البرلمانية الثانية التي أقرّت 216 قانوناً.
وفي مجال عدد ساعات عمل البرلمان، تحدث التقرير عن أن «المجموع النهائي هو 428.46 ساعة لمجموع الجلسات خلال هذه الدورة الانتخابية، أي ما يعادل 2.8 ساعة لكل جلسة من الجلسات، أو ما يعادل 61 يوم عمل بمعدل سبع ساعات عمل يومياً».
ولعل من بين أبرز المفارقات الغريبة التي ارتبطت بعمل المجلس «المنتهي» إخلاله بدوره الرقابي، وانعدامه تقريباً، في بلاد تعاني الأمرين من الفساد وسوء الإدارة، إذ ذكر التقرير، أن المجلس «مارس سلطته الرقابية من خلال استجواب واحد فقط مع توجيه خمسة أسئلة واستضافتين. وكان الاستجواب موجهاً إلى رئيس هيئة الإعلام والاتصالات بشأن تضليل هيئة الاتصالات لمجلس الوزراء بخصوص تجديد عقود الهاتف النقال وعدم الالتزام ببنود حماية المستهلك، وقد صوّت المجلس بعدم القناعة بأجوبة رئيس الهيئة، وتمت الموافقة على سحب الثقة منه في الجلسة الخامسة والأربعين».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net