ما هي السياسة الأمريكية المرتقبة حيال الشرق الأوسط بعد انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة؟

ما هي السياسة الأمريكية المرتقبة حيال الشرق الأوسط بعد انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة؟ إعلان اقرأ المزيد <![CDATA[.a{fill:none;stroke:#9a9a9a;stroke-width:2px}]]>

كان الشرق الأوسط وجهة أول زيارة خارجية لدونالد ترامب بعد توليه منصبه رئيسا للولايات المتحدة، عندما زار المملكة العربية السعودية والتقى فيها مع ستة من قادة دول منطقة الخليج في مايو/أيار 2017.

ومنذ ذلك الحين بدت سياسات دونالد ترامب في الشرق الأوسط "اندفاعية"، وولّدت إستراتيجيته سلسلة من الأحداث المتسارعة، من إنجازات دبلوماسية إلى تحركات محفوفة بالمخاطر ومبادرات فاشلة، غيرت موازين القوى في المنطقة الغنية بموارد الطاقة.

ويرى محللون أنه بعد انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة من المتوقع أن تعتمد الإدارة الأمريكية الجديدة إستراتيجية أكثر تقليدية وأن تعمل على إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات، لإعادة رسم المشهد الإقليمي مرة جديدة.

فكيف ستبدو ملامح هذه السياسة؟

بايدن يبدو "مع حل الدولتين ويرى التطبيع في مصلحة عملية السلام"

أثار ترامب غضب السلطة الفلسطينية بعد قيامه بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس واعترافه بها عاصمة لإسرائيل، إلى جانب دعمه خطة ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية إلى الدولة العبرية، ورعايته لاتفاقات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية.

من المرتقب أن يسعى بايدن لإعادة التواصل مع الفلسطينيين، رغم أنه من المرجح ألا يكون هناك اختلاف كبير في سياسته حيال هذا الملف، إذ إن بايدن أعلن صراحة أنه لن يتراجع عن نقل السفارة إلى القدس.

فحسب معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "من غير المحتمل أن تكون هناك عودة كاملة إلى الوضع السابق" في هذا الملف، ولكن "هناك أمل في أن يصلح (بايدن) على الأقل أكثر ما أفسدته حقبة ترامب، مثل تجديد المساعدة الأمريكية للفلسطينيين وإعادة فتح البعثة الفلسطينية في واشنطن، والعودة إلى مسألة حل الدولتين التقليدي".

ومن جهة أخرى أشار المعهد إلى أنه "عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والفلسطينيين، فإن معظم الحكومات الأوروبية ستستقبل إدارة بايدن بارتياح شديد".

ورأى رئيس التحرير في إذاعة مونت كارلو الدولية مصطفى الطوسة أن "هناك مؤشرات على أن إدارة بايدن ستحاول أن تعطي بعض الحقوق للفلسطينيين، إذ إنه يعارض مشروع ضم أراضي الضفة الغربية لإسرائيل، وأعلن في ظهور إعلامي له أنه سيعمل على إنشاء قنصلية أمريكية في القدس الشرقية".

وتابع الطوسة "هل هذا يعني أن الدولة الفلسطينية سترى النور في عهد بايدن؟ هذا مشكوك فيه. لأنه معروف عن بايدن أنه صديق لإسرائيل، وسيسعى غالبا ما أمكن الحفاظ على مصالح الدولة العبرية. ولكن بايدن قال في أكثر من مرة أنه لا يزال يعتقد بأن الحل الأمثل لهذا النزاع هو حل الدولتين، الفلسطينية المستقلة والإسرائيلية، وهو نفس الموقف الأوروبي".

وفيما يتعلق بمسار التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل أكد الطوسة أن "بايدن والديمقراطيين صفقوا وهللوا وباركوا لاتفاقات تطبيع العلاقات بين الدولة العبرية وكل من الإمارات والبحرين والسودان، وانطلاقا من صداقته الحميمة لإسرائيل سيسعى بايدن للاستمرار في هذا المسار، وسيشجع العواصم العربية على إقامة علاقات طبيعية مع الدولة العبرية، لأن هذا بنظر الرئيس المنتخب وإدارته الديمقراطية يصب في مصلحة عملية السلام ويشجع إسرائيل على تقديم تنازلات للفلسطينيين".

"بايدن ينوي العودة إلى خطة الاتفاق النووي مع طهران إذا عادت إيران أيضا إلى الامتثال الكامل"

توترت العلاقات بين طهران وواشنطن بشكل كبير خلال ولاية ترامب الرئاسية إثر انسحابه من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وازداد التصعيد بعد أمره باغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد "فيلق القدس"، إلى جانب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وبضم الدولة العبرية لمرتفعات الجولان السورية المحتلة عام 1967، وقد أدى التوتر مع إيران لتعزيز علاقات الولايات المتحدة بحلفائها في المنطقة، وبخاصة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.

على الجانب الآخر أقام صهره جاريد كوشنر، بعد توليه ملف عملية السلام، صداقات مع قادة خليجيين أبرزهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ما أجج التوتر مع طهران.

وقد وافقت إدارة ترامب قبل أيام قليلة من الانتخابات الأمريكية على بيع الإمارات العربية المتحدة طائرات مقاتلة متطورة من طراز إف-35 بقيمة تزيد على عشرة مليارات دولار.

وعلى الرغم من أن ترامب لم يقم بخطوات قوية وواضحة لدعم دول الخليج في نزاعها مع إيران، وبشكل خاص مع تعرض المنشآت النفطية السعودية لقصف تبناه الحوثيون في اليمن المدعومون من إيران، وحملت الرياض طهران المسؤولية عنه، إلا أن سياساته أثارت ارتياح المملكة وحلفائها المقربين في أبوظبي والمنامة والقاهرة.

من المنتظر أن تشهد السياسة الأمريكية مع بايدن تحولا جذريا في هذه المنطقة على مستويين، العلاقة مع طهران وملف حقوق الإنسان.

فرأى معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في تقرير أن "هذه منطقة يتوقع (…) أن تعيد إدارة بايدن تركيز السياسة الأمريكية فيها على قضايا مثل إيران وأن تدفع باتجاه احترام الحقوق في أنحاء المنطقة".

وأضاف أن "بايدن أوضح أنه ينوي العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق مع طهران) إذا عادت إيران أيضا إلى الامتثال الكامل، وأنه ينوي كذلك الانخراط دبلوماسيا مع طهران بشأن قضايا أخرى".

وكان بايدن قد نشر مقال رأي في سبتمبر/أيلول 2020 قال فيه "نحتاج إلى تغيير المسار بشكل عاجل"، معتبرا أن سياسة ترامب انتهت بـ"فشل خطير"، ورأى أنها جعلت إيران "أقرب" لامتلاك سلاح نووي.

لكن الرئيس المنتخب أصر على أن العودة المحتملة للاتفاق النووي مشروطة بعودة طهران لكامل التزاماتها التي تخلت عنها بعد انسحاب ترامب منه، وأكد أنه سيكون "صارما" مع إيران.

وقال مصطفى الطوسة إن بايدن "وضع شروطا للعودة الاتفاق النووي، أولها وضع المشروع البالستي الإيراني تحت المجهر الدولي، ما يعني إضافة بنود جديدة للاتفاق، والاتفاق مع طهران على ضبط ’أنشطتها العدوانية‘ في المنطقة، بمعنى وقف تدخلاتها في سوريا واليمن ولبنان، وهذا أيضا هو الموقف الأوروبي".

لكن مساعي بايدن في هذا المجال ستصطدم بالعقوبات التي فرضها سلفه على الجمهورية الإسلامية، ونتائجها، إذ تصر طهران على الحصول على تعويض من واشنطن عما لحق باقتصادها من أذى بسبب العقوبات. وحول هذا يقول الطوسة "ستتركز المفاوضات القادمة بين إيران والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على ما إذا كانت طهران ستوافق على المقاربة الغربية للاتفاق التي تقوم على إعادة إحيائه مع وجوب توسيعه وإضافة بعض البنود".

هل يضغط بايدن على إيران والسعودية لوقف الحرب في اليمن؟

وقالت إلهام فخرو كبيرة محللي معهد مجموعة الأزمات الدولية لدول الخليج إن "المسؤولين السعوديين فضلوا ولاية ثانية لترامب".

وتابعت "أنهم ينظرون إلى ترامب على أنه عمل لحماية أهم مصالحهم الإقليمية من خلال فرض حملة ضغوط قصوى من العقوبات على إيران، والضغط لإتمام صفقات مبيعات الأسلحة إلى المملكة".

لكن الرياض الآن قلقة "من أن إدارة بايدن ستتخلى عن هذه الأمور التي تصب في مصلحتها الكبرى، من خلال التراجع عن العقوبات ضد إيران والعودة إلى الاتفاق النووي والحد من مبيعات الأسلحة".

إلى جانب هذا عارضت إدارة ترامب القرارات التي اتخذها الكونغرس ضد الرياض حيال حربها في اليمن واغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018.

وقال مصطفى الطوسة إن "هناك تغييرا منتظرا في الصراع اليمني لأن بايدن أعلن أنه سيعيد النظر في عمليات بيع الأسلحة للسعودية كيلا تستعمل في اليمن" وتوقع أن "تضغط الإدارة الأمريكية على اللاعبين الإقليميين في الأزمة اليمنية، السعودية وإيران، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ووقف للحرب، لأنها تحولت إلى كارثة إنسانية وكارثة أخلاقية، والديمقراطيون سيعملون بكل الطرق على وقفها لكي يتميزوا عن إدارة ترامب".

ولكن الصحافي اليمني إبراهيم مطرز كان أقل تفاؤلا حيال هذا الملف، مؤكدا أنه "يجب ألا ننسى أن جو بايدن كان نائبا للرئيس في إدارة باراك أوباما عند بداية الحرب".

حقوق الإنسان في مصر والسعودية ولبنان

ورأى مركز صوفان للنشرات التحليلية أنّ ولي العهد السعودي "قد يجد نفسه مهمشا" خلال فترة رئاسة بايدن "بينما تقوم واشنطن بتقييم إيجابيات وسلبيات علاقتها بالرياض".

وكانت السعودية آخر دولة خليجية في تهنئته، إذ أرسل الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان برقيات تهنئة لبايدن ونائبته كامالا هاريس الأحد بعد 24 ساعة على إعلان فوزه في الانتخابات.

وقالت وكالة الأنباء الحكومية إن البرقيات أشادت فيها بالعلاقات "التاريخية (…) التي يسعى الجميع لتعزيزها وتنميتها في المجالات كافة".

وإلى جانب السعودية انتقد بايدن سجلات حقوق الإنسان لعدة دول عربية، فعلى سبيل المثال تعهد بايدن في تغريدة نشرها في يوليو/تموز بوقف "الشيكات على بياض لـ’ديكتاتور‘ ترامب ’المفضل‘" في إشارة إلى تسريبات حول وصف ترامب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ"ديكتاتوري المفضل". واستخدم منتقدو سجل الرئيس المصري في مجال حقوق الإنسان هذه التغريدة عدة مرات للتعبير عن أملهم في تغيير السياسة الأمريكية تجاه حكومة القاهرة بعد حملات ملاحقة الناشطين الحقوقيين.

وفي حين عملت وسائل الإعلام المصرية القريبة من النظام على التقليل من أهمية فوز بايدن على العلاقة المصرية الأمريكية، سارعت القاهرة لتهنئة المرشح الديمقراطي.

من جانبه هنأ الرئيس اللبناني ميشال عون بايدن على فوزه بالانتخابات، معبرا عن أمله في عودة العلاقات بين بيروت وواشنطن لطبيعتها.

وجاءت هذه التهنئة بعد ساعات من إعلان فرض عقوبات على صهر عون وزير الخارجية السابق والسياسي القوي جبران باسيل.

واعتبر نبيل بومنصف، نائب رئيس تحرير جريدة النهار اللبنانية، أن هذه العقوبات تؤكد أن واشنطن ستستمر في التضييق على السياسيين اللبنانيين الذين توجه لهم اتهامات بالفساد أو بمساعدة حزب الله.

وأكد بومنصف أن "بايدن أكثر مرونة وعقلانية، ولكنني لا أتوقع تغييرا جذريا، ولكن ربما يكون هناك بعض التخفيف في الضغط فيما يتعلق بالعقوبات إلى حين تسلم فريق بايدن الخاص بالشرق الأوسط لمهامه".

فؤاد حسن

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

اشترك

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

Download_on_the_App_Store_Badge_AR_RGB_blk_102417 <![CDATA[.cls-1{fill:#a7a6a6;}.cls-2,.cls-6{fill:#fff;}.cls-3{fill:#5bc9f4;}.cls-4{fill:url(#linear-gradient);}.Graphic-Style-2{fill:url(#linear-gradient-2);}.cls-5{fill:url(#linear-gradient-3);}.cls-6{stroke:#fff;stroke-miterlimit:10;stroke-width:0.2px;}]]>google-play-badge_AR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net