حفتر يدخل على خط الصراع في طرابلس ويهاجم باشاغا

دخل القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر، أمس، للمرة الأولى على خط الأزمة الراهنة في طرابلس، بعد اندلاع مظاهرات ضد حكومة «الوفاق» التي يترأسها فائز السراج، واتهم فتحي باشاغا وزير داخليتها الموقوف، بأنه «يمثل مصالح أقطاب خارجية تسعى لتنفيذ طموحاتها الاستعمارية».
وقبل ساعات من خضوع باشاغا لتحقيق اشترط أن يتم علانية أمام الرأي العام المحلي، هدد أحد قادة ميليشيات مصراتة الموالين لباشاغا، بالتمرد على حكومة الوفاق. وقال آمر «الكتيبة 166» التابعة لقوات «الوفاق» محمد الحصان «لن أسكت عن الفساد، وإذا خرج باشاغا من الحكومة فلن تمثلني».
وكان الحصان الذي ظهر برفقة باشاغا لدى وصوله إلى مطار طرابلس قادماً من تركيا، أعلن وصول قوة الدعم والإسناد التابع لكتيبته إلى ثكناتها العسكرية في طرابلس، علماً بأن الكتيبة استدعت كامل عناصرها قبل يومين.
وأكد سكان محليون ولقطات مصورة لوسائل إعلام محلية، انتشار مكثف لميليشيات مصراتة المسلحة بوسط طرابلس، خصوصاً في شارع عمر المختار وميدان الشهداء الذي كان ساحة المظاهرات الرئيسية في المدينة، كما وقعت اشتباكات مفاجئة مساء أول من أمس في منطقة باب بن غشير بالعاصمة، تزامناً مع انقطاع الكهرباء عن أحياء عدة.
وقبل ساعات من انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي حددها السراج لإخضاع باشاغا لتحقيق إداري، صعّد مناصرون لباشاغا من وتيرة مطالبهم، ودعوا في مظاهرات محدودة في مصراتة إلى تعيينه رئيساً للحكومة، وسط تأكيد مصادر في حكومة السراج، أنه رفض طلب باشاغا بث التحقيق تلفزيونياً.
ودعا أمس حراك «همة شباب» الذي كان وراء الدعوة لمظاهرات طرابلس، إلى تظاهر سلمي في المدن والقرى الليبية كافة غداً؛ للمطالبة بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي وإحالته للتحقيق، قبل ساعات فقط من إعلان البنك المركزي التركي، أمس، أنه وقّع مذكرة تفاهم مع البنك المركزي الليبي تحدد شروط تعاون مستمر بين الجانبين.
وفي إطار مساعيه لاحتواء السخط الشعبي على أداء حكومته وتردي الخدمات العامة، أعلن السراج خلال لقائه وفداً يضم 8 من عمداء البلديات، مساء أول من أمس، أنه «مستمر في إجراء الإصلاحات بالأوجه كافة، وبمختلف المجالات»، لافتاً إلى «تخصيص ميزانية عاجلة للبلديات لمعالجة المختنقات وتحسين الخدمات، ستصرف خلال الأسابيع المقبلة». ووعد بفتح حسابات لجميع البلديات خلال أيام ونقل الاختصاصات المحلية إلى المجالس البلدية.
وطبقاً لبيان وزعه مكتب السراج «أكد العمداء دعمهم حكومة الوفاق، وأهمية التكاتف بالنظر لحساسية الظرف وخطورة المرحلة التي تمر بها البلاد»، بالإضافة إلى «ضرورة إجراء إصلاحات إدارية واقتصادية لتحسين الخدمات».
وللمرة الأولى منذ إعلان السراج إيقاف باشاغا عن العمل وتكليف العميد خالد مازن تسيير شؤون الداخلية، اعتبر الأخير لدى مشاركته في فعالية ورشة عمل في الوزارة، أن التغيير بها «بهدف التطوير الإداري والمؤسسي وكل الأطراف معنية به من منطلق منهجي علمي وليس وليد المحاصصات والولاءات والمصالح، وغيرها من المظاهر التي أثقلت كاهل الدولة بكم هائل من التشوهات التنظيمية والإدارية». وعززت القوات الموالية لحكومة «الوفاق» مواقعها بشكل مفاجئ خلال الساعات الماضية، وبثت وسائل إعلام محلية موالية للحكومة لقطات مصورة تظهر إرسال «غرفة عمليات تحرير سرت – الجفرة» التابعة لها، تعزيزات إلى المنطقة العسكرية الوسطى لدعم القوة في المواقع المكلفة بها.
ونقلت قناة «الحرة» الأميركية عن المتحدث باسم «غرفة عمليات سرت» التابعة لقوات حكومة «الوفاق» عبد الهادي دراه، أن قوات الجيش الوطني حاصرت منطقة أبو هادي في ضواحي سرت، وأرسلت تعزيزات عسكرية هناك لمواجهة تمرد تقوده قبيلة «القذاذفة» احتجاجاً على مقتل أحد أبنائها أخيراً، وهو ما نفاه «الجيش الوطني».
واتهمت «الوفاق» قوات «الجيش الوطني» بتعطيل وتخريب الانتخابات المحلية التي كان يفترض إجراؤها أمس في بلدية القطرون. وقالت «عملية بركان الغضب»، إن «المبروك سحبان المقرحي أحد مساعدي حفتر هدد وفداً من شخصيات ومندوبي مؤسسات المجتمع المدني في بلدية القطرون بإرسال ميليشياته إلى البلدية»، مشيرة إلى إعلان اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية عن توقف العملية الانتخابية في القطرون لأسباب أمنية.
بدوره، قال حفتر على لسان الناطق باسمه أحمد المسماري في بيان أمس، إن «عدم تدخل الجيش الوطني حالياً في عمليات إعادة الاستقرار في غرب البلاد، لا يعني على الإطلاق أننا تركنا شعبنا يواجه هذا المصير، وإنما يعني أننا نعطي الفرصة للعقلاء من ممثلي القبائل والمناطق غرب ليبيا لأن يعملوا بأنفسهم على بسط النظام في تلك المناطق».
وأوضح في أول رد فعل رسمي له منذ اندلاع مظاهرات طرابلس التي أدت إلى تصاعد حدة الخلافات بين السراج وباشاغا، أن «الجيش الوطني يتطلّع إلى أن تقود تلك الخطوات إلى إطلاق عملية سياسية ناجحة». وأعرب عن قلقه العميق «إزاء الفوضى الأمنية والانتهاكات التي تجتاح مناطق غرب ليبيا»، مشيراً إلى أنه يتابع عن كثب التطورات الجارية في طرابلس، «ويدعم خطوات مكافحة الإرهاب وبسط النظام والقضاء على مسببات الفوضى الحاصلة التي تهدد أمن وسلامة شعبنا وبلادنا، ومن ضمنها تلك الإجراءات المتخذة لإنهاء تغّول الميليشيات المسلحة وفرق المرتزقة السوريين التي تديرها أقطاب خارجية يمثل مصالحها فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة الوفاق، وتسعى لتنفيذ طموحاتها الاستعمارية على أرضنا».
واستغلت الرئيسة المؤقتة لبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، ستيفاني ويليامز، اجتماعها مع وزير خارجية مصر سامح شكري في القاهرة، لتعرب عن امتنانها لترحيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدعوات وقف إطلاق النار من قبل السراج ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح. وأملت ستيفاني في بيان لها في أن يساهم هذا الترحيب بإيجاد مناخ ملائم لإطلاق عملية سياسية بين الفرقاء الليبيين والتوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى تأكيد الطرفين على ضرورة استئناف عملية سياسية شاملة بأسرع وقت؛ تفادياً لاندلاع نزاع مسلح جديد.
وأعلنت اتفاقها مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط على ضرورة وقف التصعيد والتوصل بسرعة إلى اتفاق نهائي لإطلاق النار، مشيرة إلى أنهما يدعوان إلى وقف جميع التدخلات الخارجية في ليبيا، وخصوصاً وصول الأسلحة والمرتزقة والقوات الأجنبية.
إلى ذلك، قالت مؤسسة النفط الموالية لحكومة «الوفاق»، إن مجموع خسائر الدولة جراء استمرار الإغلاق غير القانوني للمنشآت النفطية بلغ 9.1 مليار دولار. وأعربت في بيان أمس عن استيائها الشديد مما وصفته بـ«استمرار عسكرة الحقول». واتهمت المبروك سحبان، آمر المنطقة الجنوبية في «الجيش الوطني»، بدخول حقل الشرارة النفطي عنوة برفقة 20 عنصراً من حرس المنشآت النفطية، «متجاهلين الإجراءات الاحترازية التي تتبعها الشركة للوقاية من فيروس كورونا».
وكشفت عن تسجيل حالة إصابة بفيروس كورونا الأحد الماضي لأحد الموظفين الأجانب العاملين في الحقل، «نتيجة مخالطته لعناصر حرس المنشآت». ونقل البيان عن رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله، أن «إدارة شركة (أكاكوس) التي تدير الحقل بصدد إخلائه وإيقاف العمليات به بالكامل؛ مما سيترتب عليه توقف إمدادات الوقود لمحطة أوباري الغازية، إضافة إلى تعرض الحقل للسرقة والنهب».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net