وزير النازحين في حكومة «الوفاق»: غالبية منازل المواطنين تحولت لركام

رغم شعوره بالارتياح جراء انتهاء الصراع العسكري في العاصمة الليبية طرابلس بما يسمح ببدء عودة النازحين والمهجرين إلى منازلهم وعودة الحياة لطبيعتها، فإن يوسف جلالة وزير الدولة لشؤون النازحين والمهجرين بحكومة «الوفاق» الوطني يرى أن مهامه ومسؤوليته ليست في طريقها للانتهاء، بل يتوقع أن «الجزء الأصعب منها هو ما قد يخوضه خلال الفترة القادمة، حيث يتوجب عليه التوفيق بين رغبة نازحين عانوا كثيرا وضاقوا الأمرين بعيدا عن منازلهم على مدار أكثر من عام، وبين الواقع على الأرض، حيث تحولت تلك المنازل لركام».
وأشار جلالة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى تجاوز عدد النازحين جراء الحرب على العاصمة، 60 ألف أسرة، وهو ما يعني إذا تم حساب متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة بستة أو سبعة، فإن هناك أكثر من 360 ألف نازح غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن يعيشون للآن في ظروف غاية في الصعوبة من جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
وقال: «للأسف أحلامهم بالعودة مع انتهاء المعارك أجهضت سريعا لتحول أغلبها إلى ركام من شدة الدمار الذي لحق بها، ولا حل إلا بإعادة بنائها من جديد، وهناك قلة من المنازل لم تهدم بالكامل، لكنها لن تصلح للسكن وتحتاج إلى عمليات صيانة كبيرة». وأضاف «لا يمكن القول إن هناك ولو منطقة واحدة عاد إليها النازحون من أهلها، كل ما حدث أن البعض قاموا بزيارات تفقدية لمنازلهم في مناطق كصلاح الدين وعين زارة والخلة ووادي الربيع وبعض من ضواحي منطقة العزيزية ومنطقة المشروع.
ويشير الوزير، الذي يقوم حاليا بجولات تفقدية شبه يومية بعموم المناطق التي كانت مسرحا للاشتباكات في جنوب العاصمة، للوقوف على الأوضاع الميدانية، إلى أن «عوائق العودة لا تتوقف فقط على شدة التدمير الذي تعرضت له المنازل، وإنما أيضا تمتد لوجود بقايا مخلفات الحرب من القذائف والصواريخ التي لم تنفجر والتي توجد بين ركام المتهدم من المنازل وأيضا بين الأعمدة والحوائط المتبقية من بعض المنازل الأخرى التي لم تدمر كليا».
ويشدد «وجهنا الدعوات ونكررها مرارا بضرورة التريث في الزيارات وترك الفرصة للجهات المختصة لتنظيف المنطقة من مخلفات الحرب، وترك الفرصة أيضا للجهات الحكومية الخدمية لتتمكن من فتح المسارات وإزالة السواتر الترابية وإعادة تشغيل البنية التحتية المتعلقة بالكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات».
ورغم نفي المتحدث باسم الجيش الوطني عدم ترك أو زرع قواته أي إلغام أو عبوات مفخخة خلال عملية الانسحاب، يؤكد جلالة أن «تلك الأخيرة وجدت بكميات كبيرة جدا في بعض المنازل التي لم تهدم كلية وللأسف بعض المواطنين ممن لم يستمعوا لتحذيرات السلطات الرسمية فقد حياته بدافع حماسه ورغبته في زيارة منزله جراء انفجار».
ولفت جلالة إلى مطالبته الرسمية لكل من «وزارة الدفاع والداخلية لعدم السماح للأهالي بالعودة لمنازلهم ولو بغرض الزيارة، والتسريع في عملية إزالة الألغام ومخلفات الحرب وتهيئة المنطقة للاستخدام ومن ثم السماح بالدخول والعودة المنظمة للنازحين تحت إشراف مؤسسات الدولة».
وحول إذا كان هناك اتجاه لدى الحكومة لتقديم تعويضات لمن تضررت أملاكه، قال الوزير: «حجم التدمير كان كبيرا وأكثر مما شهدته العاصمة في كل المواجهات السابقة، وبالتأكيد المجلس الرئاسي للحكومة يتحمل مسؤولياته تجاه المواطنين بحصر الأضرار وتعويضهم وإعادة إعمار مناطق الاشتباكات».
ولا يستبعد الوزير «ظهور وتدخلات تجار الحروب، والعابثين من المجرمين المستغلين ممن سيحاول بعضهم الاستيلاء على الممتلكات سواء كانت خاصة أو عامة»، مشددا على أن ذلك لن يدوم متى استعادت الدولة عافيتها وبدأت السلطات القضائية في ممارسة مهامها وإعادة كل حق لأصحابه»، مشيرا إلى أن وزارته «ستقدم من جانبها كل المساعدة الممكنة التي يحتاجها المواطن النازح لإثبات وضمان حقه، وذلك بالمساعدة على استخراج بدل فاقد من مستندات الملكية العقارية في حالة فقدها، وذلك بالتعاون مع الجهات الرسمية المختصة».
وفيما يتعلق بترهونة وتقييمه لما رصد من عمليات انتقامية قامت بها عناصر تابعة الوفاق عقب تمكنهم من السيطرة على المدينة، قال الوزير: «من نزحوا من ترهونة نزحوا من تلقاء أنفسهم، ومن جانبنا كوزارة نتعامل مع كل موطني ليبيا في الجوانب الإنسانية بصورة مباشرة أو عبر التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ولجان الأزمة في البلديات والمنظمات الدولية والإقليمية».
ووفق المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، فإن التحركات العسكرية الأخيرة في طرابلس وترهونة أدت إلى موجات جديدة من النزوح والمعاناة لأكثر من 60 ألف ليبي في الأيام القليلة الماضية، فيما أفادت وكالات إنسانية بأن «حوالي 18.500 شخص نزحوا حديثا نهاية الأسبوع الماضي من ترهونة وسرت بعد سيطرة قوات الوفاق الوطني على ترهونة، وتحسبا لمزيد من التقدم في سرت».
ولا يبدي جلالة قلقاً كبيراً حيال المشاكل التي يمكن أن تحدث مع عودة النازحين، وتحديدا بينهم وبين من ظل من السكان بتلك المدن، وكان مؤيدا لسلطة الشرق الليبي، موضحا «المشاكل يمكن أن تحدث جراء الشرخ الكبير الذي حصل في النسيج الاجتماعي الليبي، لكني أثق برجال الحكمة والمصالحة الوطنية في عموم البلاد وما يصدر عنهم من آراء سديدة قادرة على إعادة اللحمة والصلح والمصالحة بين الجميع، خاصة في ظل الاعتماد على دولة المؤسسات والقانون».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net