مصراتة تواجه خسائر «الميليشيات» بحشد المساجد وتسليح الأطفال

تخلت مدينة مصراتة الليبية، التي توصف بالقوة الضاربة لقوات حكومة «الوفاق»، عن هدوئها بسبب المعارك المستعرة في جنوب وشرق العاصمة طرابلس، وانتشرت حالة استنفار شديد بعد مقتل عدد من قيادات ميليشياتها المسلحة خلال اليومين الماضيين، وسط حملة لحشد المساجد بالدعاء على «الأعداء»، واستنفار المواطنين.
ومصراتة التي تقع شرق العاصمة بـ200 كيلومتر، تعد معقل الميليشيات المسلحة، وجماعات الإسلام السياسي، الموالية حالياً لـ«الوفاق» والمعادية لـ«الجيش الوطني».
وشيعت مصراتة، أمس، خمسة من أبنائها يوصفون بأنهم من قيادات الميليشيات، بعد مقتلهم في محور الرملة، وسط حالة من الغضب التوعد بالثأر من «القوى المعتدية». في إشارة إلى «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.
وتسببت الأسلحة الثقيلة التي حازتها مصراتة، بعد سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، في تغوّل الجماعات المسلحة في غرب ليبيا، كما ساعدها في فرض كلمتها على سلطات طرابلس. كما تسبب المعارك المحتدمة في مدينة أبوقرين، المعروفة باسم «الهيشة»، والتي تبعد 118 كيلومتراً جنوب مصراتة، في حالة ذعر وسط مواطني مصراتة، ما تسبب في رفع حالة الطوارئ في أنحائها، وتزايد شرائح الراغبين في التسلّح لمواجهة قوات «الجيش الوطني».
وطالب مشايخ وأئمة مصراتة بلهجة حادة جميع منتسبي وزارة الأوقاف في عموم غرب ليبيا، بتوضيح موقفهم اتجاه «عدوان غاشم يستهدف مدنهم وقراهم»، بعدما انتقدوا صمتهم، الذي وصفوه بـ«خيانة الدين والوطن». وقال مسؤول أمني، إن الأجواء متوترة في مصراتة بشكل كبير؛ وذلك «لعلمهم بقدوم قواتنا المسلحة»، التي أكد أنها «باتت على مقربة من المدينة»، مضيفاً أن «أهل مصراتة واقعون في أسر الميليشيات المسلحة، وينتظرون ساعة الخلاص على أيدي قواتنا المسلحة… والعقلاء هناك ينتظرون هذه اللحظة».
وضرب العقيد محمد عبد السلام المصينعي المثل بما حدث في سرت وبنغازي ودرنة، التي سبق أن أعلن الجيش عن تحريرها، وقال إن المكونات الرئيسية بها التفت حول الجيش، ورحبت بانتصاره على الجماعات الإرهابية، وذهب إلى أن «تركيا ستتخلى عن حكومة (الوفاق)، كما حدث من قبل مع العقيد الراحل معمر القذافي، وتحت ضغط الدول الشقيقة».
لكن مشايخ مصراتة، الذين أكدوا في كلمة مصورة، مساء أول من أمس، على ضرورة شن حملة عبر منابر المساجد «للدفاع عن المدينة في مواجهة المعتدي»، قالوا إنه «لا مكان للحياد»، لافتين إلى أن «جميع مكاتب وزارة الأوقاف في غرب البلاد لم توضح موقفها من الحرب».
وجاءت هذه الكلمة عقب اجتماع لغرفة الطوارئ الخاصة بمدينة مصراتة، مع 200 خطيب وإمام من مكتب وزارة الأوقاف بمصراتة؛ بهدف توفير الدعم اللازم لقوات «الوفاق». لكن أحد النشطاء السياسيين بالمدينة، الداعمين لـ«الجيش الوطني»، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تحفظ واسع لدى فئات في مصراتة منذ سنوات على هيمنة المجموعات المسلحة، وتيارات موالية لها على مقاليد الأمور هناك، وقال الناشط، الذي تحفّظ على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية: «مصراتة تكنّ عداءً واسعاً لقوات الجيش، لكن يوجد بها مواطنون ينتظرون قدومه لتخليصهم مما يعانونه منذ 8 سنوات وأكثر».
وبرهن الناشط السياسي على حديثه بأن «المواطنين سيخرجون إلى ميادين مصراتة وطرابلس للاحتفال بنصر الجيش قريباً».
ومع تصاعد حالة الاستنفار في البلاد، ظهر توجه لتسليح الأطفال والنساء إذا استدعى الأمر، وأغلقت بعض المحال في المدينة أبوابها بسبب مخاوف أصحابها من اقتراب نيران الحرب. وعلّق مطعم «الهامور للمأكولات البحرية»، لافتة على بابه كتب عليها: «الله أكبر… من الغد المطعم مقفل، ومصراتة دونها الدم… لنا موعد مع النصر». كما أغلق مطعم «مشاوي سيزر» أبوابه، وأخطر زبائنه بلافتة تقول: «الظروف الراهنة أرغمت المطعم على إغلاق أبوابه لحين إشعار آخر… مصراتة سلمت وعاش الوطن».
وقالت منى الحور التي تنتمي إلى المدينة، إن الدراسة توقفت بالمدينة وأعلنت حالة الطوارئ، و«كأن القتال كُتب باسم مصراتة؛ إذ لا نكاد نخرج من حرب حتى تفتح جبهة جديدة»، مضيفة: «هي حرب نخوضها وليس لأحد فضل علينا، والآن نعطي للعالم درساً جديداً في الدفاع والصمود والنصر المزلزل لعروش الطغاة».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net