في الوقت الذي تواصلت فيه ردود الأفعال الحقوقية المرحبة بتجديد إدراج الأمم المتحدة للميليشيات الحوثية ضمن قائمة العار لانتهاكهم حقوق الأطفال، ردت الجماعة المدعومة من إيران بهجوم لفظي غير مسبوق ضد الأمين الأمين العام أنطونيو غوتيريش، ملمحة إلى قطع الصلة نهائيا مع المنظمة الدولية.
وفي حين أوعزت الميليشيات إلى كافة الجهات الخاضعة لحكومة الانقلاب لإصدار بيانات منددة بالقرار الأممي، لجأ المكتب السياسي للجماعة إلى استدعاء حشد من الشتائم الموجهة إلى غوتيريش، وصولا إلى وصفه بـ«المنحط نفسيا وأخلاقيا».
ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» عن مكتب الجماعة السياسي قوله إن الأمم المتحدة بقرارها هذا أثبتت أنها «مجرد منصة تستغلها الدول النافذة»، وأنها «تحولت إلى بوق رخيص»، وأنها «بتصنيفها ذلك قطعت ما تبقى لها من همزة وصل» مع الجماعة الحوثية «وأعلنت نفسها طرفا» إلى جانب تحالف دعم الشرعية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قرر (الجمعة) تجديد إدراج الحوثيين على اللائحة الأممية السوداء للدول والجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال في تقريرها الصادر لهذا العام 2021، وذلك بعد أن تم إدراجهم لأول مرة في عام 2007.
وأثار القرار ارتياحا في الأوساط اليمنية، لا سيما الأوساط الحقوقية، إذ عده ناشطون قرارا مستحقا لجهة الجرائم الواسعة التي ارتكبتها الجماعة بحق صغار السن، سواء عبر تجنيدهم للقتال أو باستهدافهم بالقصف والألغام وحرمانهم من حقوقهم الأساسية.
وأطلق العشرات من الناشطين اليمنيين (السبت) حملة إلكترونية واسعة تحت وسم (الحوثي قاتل الأطفال) لمطالبة المجتمع الدولي بتصنيف ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية، ومساعدة أطفال اليمن كي ينعموا بحقهم في حياة آمنة يحصلون فيها على الحد الأدنى من حقوقهم التي أهدرتها ميليشيا الحوثي.
وفيما توعدت الحكومة الشرعية قادة الميليشيات بعدم الإفلات من العقاب لجرائمهم المرتكبة ضد المدنيين، واصلت المنظمات الحقوقية اليمنية الكشف عن آلاف الانتهاكات التي رصدتها في مناطق السيطرة الحوثية ضد الأطفال.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني إن «الجرائم والانتهاكات المروعة التي ترتكبها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، فظائع غير مسبوقة في التاريخ اليمني».
وأضاف الوزير اليمني في تصريحات رسمية أن «الممارسات الإجرامية التي تتكرر بشكل يومي بحق المدنيين في العاصمة المختطفة صنعاء وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية تجسد همجيتها ووحشيتها، وتؤكد أنها لا تختلف في ممارساتها عن باقي التنظيمات الإرهابية».
وأكد الإرياني أن جرائم الجماعة بحق المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها «لن تسقط بالتقادم ولن تمر دون عقاب»، وأن المسؤولين عنها «سواء كانوا قيادات أو أفرادا سيخضعون للمحاسبة، وسيلاحقون في المحاكم الدولية باعتبارهم مجرمي حرب».
في السياق نفسه، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، توثيقها 20 ألفا و977 واقعة انتهاك طالت الأطفال في اليمن، بالإضافة إلى تهجير وتشريد أكثر من 43 ألف طفل، من قبل الحوثيين خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) 2017 إلى مارس (آذار) 2021.
وتنوعت الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات – بحسب تقرير للشبكة الحقوقية وزعته أمس (الأحد) – بحق الأطفال في اليمن بين قتل وإصابة واختطاف وتشريد وحرمان من التعليم وأعمال القنص والتجنيد ومنع وصول العلاج والغذاء والماء، نتيجة الحصار الذي فرضته الميليشيات على أغلب المحافظات التي تسيطر عليها، وكذلك استخدام القوة بشكل مفرط، حيث تقصف الميليشيات الأحياء السكنية بجميع أنواع الأسلحة وتستخدم الألغام في الطرقات العامة والمدارس.
وقالت الشبكة في تقريرها إن فريقها الميداني وثق ألفا و343 حالة قتل للأطفال على يد الميليشيات وإن من بين القتلى 31 رضيعا، إضافة إلى توثيقها ألفا و620 حالة إصابة بجروح نتيجة أعمال القنص، والمقذوفات العشوائية على الأحياء السكنية، ونتيجة زراعة الألغام الأرضية، والمجازر الجماعية، والطلقات النارية، كما تم توثيق 3 آلاف و114 حالة إصابة لأطفال قامت الميليشيات بالزج بهم في جبهات القتال.
وأشار تقرير الشبكة إلى توثيق 321 حالة إعاقة دائمة للأطفال نتيجة المقذوفات العشوائية على الأحياء السكنية، وزرع الألغام، وكذا توثيق 522 حالة اعتقال واختطاف خاصة بالأطفال، إضافة إلى توثيق قيام الجماعة بتجنيد 12 ألفا و341 طفلا لا تتجاوز أعمارهم 14عاماً.
وذكر تقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، أنه وفقاً لشهادة بعض الأهالي الذين قابلهم الفريق وقام بأخذ شهادتهم فإن ميليشيات الحوثي تستخدم وسائل عديدة لتجنيد الصغار لعل أهمها غسل الأدمغة والإغراءات بالوظائف والشهادات المدرسية واستغلال الوضع الاقتصادي المتدهور لدى الأسر، إضافة إلى التجنيد الإجباري الذي تفرضه الميليشيات على بعض القبائل.
وبحسب التقرير، فقد دفع انقلاب الميليشيات الحوثية ما يزيد على مليوني طفل إلى سوق العمل بحثا عن فرصة عمل نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور في البلد، كما حرم 4.5 مليون من التعليم نتيجة تحويل المنشآت التعليمية إلى ثكنات عسكرية ومعسكرات للتدريب.
وحذر التقرير الحقوقي من أن الإحصاءات تنذر بكارثة وجرائم ضد الإنسانية قامت بها ميليشيا الحوثي بقصد جنائي مكتمل الأركان وهو ما يستدعي «الوقوف أمامها من قبل المنظمات المحلية والدولية ومن قبل المجتمع الدولي على الأقل ردا لاعتبار تلك القوانين والاتفاقيات والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الطفل».