فرنسا: ملف العبودية يعود للواجهة إثر منشور لمجلة يمينية يصور نائبة من أصول أفريقية مقيدة بالسلاسل

فرنسا: ملف العبودية يعود للواجهة إثر منشور لمجلة يمينية يصور نائبة من أصول أفريقية مقيدة بالسلاسل إعلان اقرأ المزيد <![CDATA[.a{fill:none;stroke:#9a9a9a;stroke-width:2px}]]>

أثار المقال الذي نشرته مجلة "فالور أكتييال" اليمينة الأسبوع الماضي بعنوان "أوبونو الأفريقية، أو "نائبة حزب فرنسا الأبية التي تجرب مسؤوليات الأفارقة في بشاعة العبودية" جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي وإدانة واسعة من قبل الطبقة السياسية الفرنسية والجمعيات المناهضة للعنصرية والعبودية.

ونشرت المجلة صورة تظهر النائبة دانييل أوبونو مقيدة بسلاسل على مستوى العنق. الأمر الذي أشعل نار الغضب وأعاد إلى الواجهة الدور الذي لعبته فرنسا عبر التاريخ القديم في تجارة الرق والعبودية.

"ماض متستر عليه"

وفي أعقاب المظاهرات المناهضة للعنصرية التي نظمت في 14 يونيو/تمور الماضي بعد مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد من أصول أفريقية من طرف الشرطة، وعد إيمانويل ماكرون بالتصدي بكل "قوة للعنصرية والسامية". كما أكد أيضا آنذك أن "الجمهورية الفرنسية لن تقوم بمحو أي اسم أو آثار من ماضيها ولن تقوم باقتلاع أي تمثال".

وجاءت تصريحات ماكرون هذه بعد أن تعرضت بعض التماثيل التي ترمز إلى تجارة الرقيق إلى أعمال تخريب واقتلاع. وكان ماكرون قد قال في هذا الشأن: "القضية النبيلة التي تتمثل في محاربة العنصرية قد تفسد عندما تتحول إلى تعصب عرقي وإلى كتابة بغيضة للتاريخ".

وأكدت كارول رينو باليغو باحثة في التاريخ ومتخصصة في الحقبة الاستعمارية أن "الكلمات التي قالها الرئيس ماكرون كانت بمثابة "فرصة ضائعة"، لتقديم بعض الحقائق التاريخية بخصوص حقبة مظلمة من تاريخ فرنسا. "كل الأمم تشعر بحاجة إلى "بناء" رواية وطنية تمجد ماضيها"، مضيفة لكن "نظام العبودية لا يتناسب مع خطاب فرنسا حول حقوق الإنسان. ولهذا السبب تم إخفاؤه بينما تم تسويق رواية أخرى مفادها أن فرنسا قامت بأشياء إيجابية لمستعمراتها وساهمت في إنهاء نظام العبودية".

"رواية متعفنة"

من جهتها وصفت النائبة دانييل أوبونو مقال مجلة "فالور أكتوييل" بخصوصها، بأنه "إهانة لأجدادي" و"إهانة للجمهورية"، منددة بـ"الهجوم ضد كل الذين يحاربون العنصرية التي تطال ملايين الناس"، وموضحة في الوقت نفسه أن "مشروع إعادة كتابة التاريخ في فرنسا أخذ طابعا مخيفا".

وأثار مقال مجلة "فالور أكتييال" انتقادات الطبقة السياسية وصولا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي "اتصل هاتفيا بالنائبة وأدان بشكل واضح كل أشكال العنصرية"، حسب ما صرحت به مصالح الإليزيه. نفس الخطوة قام بها رئيس الحكومة الفرنسية جان كاستكس الذي انتقد بدوره "المقال المقرف الذي يستدعي تنديدا واضحا"، مشيرا إلى أن "النائبة تلقت كل الدعم من قبل الحكومة".

كما انتقد أيضا وزير العدل الفرنسي إريك ديبو موريتي مقال المجلة قائلا: "نحن أحرار في كتابة رواية متعفنة وفي الحدود التي يسمح بها القانون. نحن أحرار أيضا أن نكره هذه الرواية. أنا أكرهها". أما إليزابيث مورانو التي تشغل منصب وزيرة المساواة، وهي الوحيدة التي تنحدر من أصول أفريقية في حكومة جان كاستكس، فلقد اكتفت بتغريدة على تويتر قدمت من خلالها الدعم للنائبة دانييل أوبونو.

وإلى ذلك، قرر وكيل الجمهورية في محكمة باريس ريمي هيتز فتح تحقيق أولي بتهمة "السب ذا الطابع العنصري".

"الهروب من المسؤولية"

هذا، ودافعت مجلة "فالور أكتييال" عن نفسها عبر نائب رئيس التحرير توغدال دونيس الذي صرح على قناة "بي إف إم" الفرنسية، بأن هدف المنشور هو "الكشف لمدمري التاريخ بأن الأفارقة كانت لديهم أيضا مسؤولية في فضائع العبودية"، فيما قدمت المجلة "اعتذارها" للنائبة دانييل أوبونو" مشيرة إلى أنها "لم تكن تنوي تجريحها".

وترى كارول رينو باليغو أن "المقالات المستفزة"، التي تنشرها المجلة "تتوافق مع الخطابات الوطنية اليمينية والتي تهدف إلى التهرب من المسؤولية من أجل تقليل الأضرار التي تسببت فيها فرنسا، فضلا عن رفضها للأشخاص الذين يقدمون على أنهم مختلفون وأجانب".

"طبعا بعض الأفارقة انخرطوا في تجارة الرقيق وكل نظام ذات إيديولوجية مهيمنة يرتكز على وسطاء وعملاء"، توضح الباحثة لكن "هذا لا يقلل من مسؤولية أولئك الذين خططوا لهذا النظام واستفادوا منه".

من ناحيتها، صرحت مريم كوتياس وهي باحثة متخصصة في تجارة الرقيق بالمعهد الوطني للبحوث العلمية أن "نظرة المجلة إزاء هذه الفترة التاريخية الحساسة "نظرة أيديولوجية بحته"، مضيفة لفرانس24 أن "المجلة تحاول أن تثبت بأن هناك تابوهات حول تجارة الرق لدى الأفارقة أنفسهم. وهذا أمر غير صحيح إطلاقا بالنظر إلى الدراسات التي أقيمت حول هذا الموضوع".

تدريس العبودية بشكل "انتقائي وسطحي" في المدارس

وأضافت نفس الباحثة أن عدم القدرة على الاعتراف بالنظام العبودي وتجارة الرق بالرغم من أنهما في قلب التاريخ الفرنسي مرتبط بشكل وثيق بالطريقة التي يتم تدريس بها هذه المواضيع في المدارس. و"بالرغم من أن تدريس هذه المواضيع إجباري في الثانويات الفرنسية، إلا أن ذلك يتم بشكل سطحي وانتقائي"، حسب مريم كوتياس.

وواصلت "التلاميذ يتعلمون الكثير عن نظام العبودية في البرازيل والولايات المتحدة عبر البرامج التي تدرس حاليا في حين لا يتم التطرق إلى فرنسا، إلا من باب واحد وهو "تمجيد الكفاح من أجل القضاء على الرق". وتساءلت "كيف يمكن في هذه الحالة أن تقضي عن نظام الرق والعبودية إذا لم ندرسه في الثانويات؟".

وإلى ذلك، أدى التناقض إزاء ماضي فرنسا الاستعماري والعبودي إلى ولادة العديد من المبادرات السياسية المختفلة.

ففي 2001 وفي ظل حكومة ليونال جوسبان، تمت المصادقة على مشروع قانون تاريخي يعترف بأن العبودية جريمة ضد الإنسانية.

وكانت النائبة كرستيان توبيرا قد دافعت بقوة لتمرير هذا القانون. لكن بعد مرور خمس سنوات على هذا المشروع، تم إحالة أمام البرلمان قانونا جديدا "يمجد الاستعمار" في مناطق ما رواء البحار. وأثار هذا المشروع جدلا واسعا في أوساط الباحثين في التاريخ والمتخصصين في القانون. ما أدى إلى تراجع حكومة رافاران وسحبه.

"أرضية خصبة للتطرف"

وشدد متخصصون في مجال التاريخ على أن القراءة الصريحة والمتفتحة للتاريخ ضرورية لوضع حد للانقسامات بين المواطنين الفرنسيين. "الموضوع هنا لا يتعلق بتأجيج الشعور بالذنب لدى فرنسا، لكن عدم القيام بهذه الخطوة يمكن أن يولد الحقد والشعور بالإذلال ويخلق أرضية مواتية للتطرف"، حسب كارول رينو باليغو.

أما مريم كوتياس، فتعتقد أن التستر على وقائع تاريخية يعني أن المسؤولين السياسيين يشجعون الانقسامات داخل المجتمع الفرنسي. "لا يمكن للحكومات أن تدعو إلى الوحدة الوطنية ثم بعد ذلك تختار أجزاء من التاريخ التي يناسبها. الحكومات هي التي تخلق التفرقة والانفصال وذلك عبر منع جزء من المواطنين أن يعيشوا هويتهم وفق بلدهم وتاريخه". وتابعت: "الحل لا يكمن في محو التاريخ بل في "استكماله" (أي الاعتراف بكل أجزائه).

بنجامان دودمان / طاهر هاني

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

اشترك

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

Download_on_the_App_Store_Badge_AR_RGB_blk_102417 <![CDATA[.cls-1{fill:#a7a6a6;}.cls-2,.cls-6{fill:#fff;}.cls-3{fill:#5bc9f4;}.cls-4{fill:url(#linear-gradient);}.Graphic-Style-2{fill:url(#linear-gradient-2);}.cls-5{fill:url(#linear-gradient-3);}.cls-6{stroke:#fff;stroke-miterlimit:10;stroke-width:0.2px;}]]>google-play-badge_AR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net