«الوطنية للنفط» الليبية في عهدة حكومة الدبيبة

أعلنت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أمس، تسلم فرحات بن قدارة منصبه الجديد رسمياً رئيساً لـ«المؤسسة الوطنية للنفط»، في مقرها بالعاصمة طرابلس، خلفاً لرئيسها السابق مصطفى صنع الله، الذي رفض الإقرار بهزيمته والقبول بالإطاحة به من منصبه الذي يتولاه منذ عام 2014.
وتعهد بن قدارة، في مؤتمر صحافي، عقده فور توليه منصبه، بالعمل على عودة تصدير النفط إلى «أقصى المستويات الممكنة، وإعادة الإنتاج في الفترة القريبة المقبلة». كما تعهد بالعمل على «إعداد فرق بالتعاون مع الشركات المنتجة، سواء المحلية والأجنبية، وتوفير التمويل الكافي لصيانة الحقول النفطية المتضررة».
وبعدما لفت إلى الحاجة «للشركات الأجنبية لرفع الكفاءة الإنتاجية لها»، سعى إلى «طمأنة الشريك الأجنبي عبر تأكيده على صون كل التعهدات والاتفاقات المبرمة». وأبلغ لاحقاً وسائل إعلام محلية أنه سيعمل على توفير «بيئة آمنة وحلحلة المشكلات الأمنية لضمان عودة الشركات الأجنبية للمساعدة في زيادة الإنتاج»، لافتاً إلى اعتزامه نشر الإيرادات المحققة، وقال إن «أي اتفاقيات ستتم يجب أن تكون مطابقة لنصوص القانون».
وبرغم إعلان مصطفى السمو، وكيل وزارة الاقتصاد في حكومة الدبيبة المكلف برئاسة لجنة التسلم والتسليم بين مجلسي صنع الله وفرحات، استكمال العملية، أعلن صنع الله الذي غادر مقر المؤسسة «اقتحام مجموعة مسلحة وملثمة لمقر المؤسسة بقوة السلاح، والاعتداء على بعض الموظفين وإهانتهم والدخول من دون تخويل أو إذن، ما أدى إلى تعطيل العمل وإرباك المشهد وحالة من الذعر والفوضى وجروح لبعض الموظفين».
واستنكر، في بيان وزّعه، «محاولة البعض التحايل على القانون وتنفيذ أجندات خارجية وصفقات مشبوهة بقوة السلاح»، وقال إنه يحمّل الدبيبة وبن قدارة وأعضاء لجنة التسليم والتسلم «المسؤولية القانونية الكاملة عما قد يتعرض له العاملون من أذى، أو ما قد يلحق بأصول ومستندات ومنظومات المؤسسة من عبث». وكشف النقاب عن تقدمه بشكوى رسمية للنائب العام، مطالباً «بسرعة إنفاذ القانون وشجب القرارات الباطلة وإبعاد أيادي العبث عن مقر المؤسسة».
وسادت حالة من الفوضى مقر مؤسسة النفط في طرابلس، بعد وصول لجنة التسليم والتسلم المكلفة من حكومة الوحدة برفقة عناصر مسلحة، بينما انتشرت قوة موالية للدبيبة خارجه، تزامناً مع مطالبة خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، للدبيبة بسحب قرار إقالة صنع الله، وحثّه في رسالة رسمية على «بذل المجهود الأكبر من التوافق بين وزارة النفط والمؤسسة حتى يزداد الإنتاج ويستقر». وحذر من أن «مثل هذا القرار في هذا التوقيت المفصلي الذي تمر به البلاد قد يؤدي إلى تفكيك المؤسسة وانقسامها. الأمر الذي سيعود بكارثة حقيقية على الاقتصاد الوطني ويزيد من معاناة البلد». وكان صنع الله قد ظهر مساء أول من أمس برفقة عناصر من الميليشيات المسلحة داخل مقر المؤسسة، بعد ساعات فقط من عودته من أداء مناسك الحج. وقال في كلمة مصورة وجّهها إلى الشعب الليبي إنه «باقٍ في المؤسسة، ولا أحد يستطيع التعدي على مقرها، وإنه أعطى تعليمات مشددة في هذا الشأن»، متوعداً «من سيقترب من سور المؤسسة بأن لا يلوم إلا نفسه». وخاطب الدبيبة قائلاً: «الزم حدودك، واحترم نفسك، واحترم العهد». واتهمه «بتوزيع أموال النفط على القنوات الإعلامية وترك الشعب الليبي بلا عمل ولا خبز»، لافتاً إلى أنه «لا توجد وزارة خارجية، والدبيبة ترك الكفاءات وعيّن أبناء أخته وأقاربه وجيرانه سفراء». وقال: «سننسق مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، ولن يكون هناك أي تواصل مع الدبيبة»، واعتبر أن «قرار تشكيل مجلس إدارة جديد لمؤسسة النفط باطل وغير شرعي، وأنها (الإدارة الحالية) محمية بالقانون الوطني والدولي».
في المقابل، أعربت وزارة النفط في «حكومة الوحدة» عن أسفها لما وصفته بـ«الأسلوب المنحط» الذي ظهر به صنع الله، واعتبرت «أن ذلك ليس بالجديد عليه في تعاملاته مع الجميع»، مشيرة إلى «معاناة كل العاملين في هذا القطاع من هذه الممارسات والتعاملات السيئة من طرفه».
وقالت، في بيان لها: «إن قطاع النفط كان يدار منذ تأسيسيه بنخبة من الكوادر الوطنية، ثم أصبح إلى وقت قريب تحت هذه الإدارة التي اتضح أمام كل الليبيين مستواها المتدني المهني والسلوكي المنعكس على ممارستها الإدارية العشوائية والتعسفية»، مشيرة إلى أنه «تعاقب على رئاسة هذه المؤسسة 8 رؤساء، ولم يخطر في بال أحد أن هذا القطاع العريق سيبتلى في يوم ما بهذا السقوط السلوكي والمهني»، على حد قولها.
بدوره، أعرب السفير الأميركي ريتشارد نورلاند عن «قلق بالغ إزاء التطورات المحيطة بالمؤسسة، التي تعتبر حيوية لاستقرار ليبيا وازدهارها، وظلت مستقلة سياسياً وكفوءة تقنياً تحت قيادة مصطفى صنع الله»، لافتاً إلى أنه «يجوز الطعن في قرار استبدال مجلس إدارة المؤسسة في المحكمة، ولكن يجب ألا يصبح موضوع مواجهة مسلحة». وأوضح أن «الإشكاليات الرئيسية الخاصة بالسياسة العامة لليبيا تتجسد فيما إذا كان ستتم استعادة إنتاج النفط والغاز بالفعل من أجل معالجة القضايا الملحة التي تؤثر على حياة كل ليبي، وبخاصة نقص الكهرباء، بالإضافة إلى تساؤلات حول وجود آلية ليبية معمول بها لإدارة ومراقبة الإيرادات بشفافية».
وتساءل نورلاند: «هل سيدرك القادة الليبيون من جميع الأطراف أن هذه التطورات تُظهر مرة أخرى الحاجة الملحة للإرادة السياسية للتوصل إلى حل وسط، وتهيئة المرحلة فوراً للمصالحة والانتخابات؟».
من جهتها، أكدت لجنة الطاقة في مجلس النواب «شرعية مجلس الإدارة الحالي لمؤسسة النفط». وقالت، في بيان لها، إن قرارات حكومة الدبيبة «لا يعتد بها، باعتبارها صادرة عن جهة غير ذي صفة»، واعتبرت أن كل المحاولات التي تقوم بها هي «صفقات سياسية مشبوهة لخلط الأوراق وتأزيم الوضع السياسي والاقتصادي للدولة الليبية». وأوضحت أن قرارات هذه الحكومة «لن تؤدي إلا إلى الانقسام في أهم القطاعات الحيوية».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net