انقسام بين الإسلاميين حول مشروع الدستور الجزائري

أعلنت «حركة البناء الوطني» الإسلامية في الجزائر، أمس، التحاقها بالأحزاب المؤيدة لتعديل الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء مطلع الشهر المقبل، فيما تتصدر قوى إسلامية أخرى حملة رفض المشروع الذي طرحه الرئيس عبد المجيد تبون.
وقال رئيس «البناء» عبد القادر بن قرينة في مؤتمر صحافي، أمس، إن «إسقاط هذا الدستور يمثل عودة إلى دستور العصابة الذي جرى تعديله عام 2008 ثم في 2016»، في إشارة إلى المراجعة الدستورية التي سمحت للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قبل 12 سنة، بإلغاء القيود على ترشحه لولاية ثالثة، ما سمح له بتمديد حكمه. وتعهد بن قرينة الذي ترشح للرئاسة العام الماضي «استقالة لا رجوع عنها» من قيادة حزبه الذي تأسس عام 2012. في حال اتخذ الناخبون موقفاً سلبياً من الدستور، مشيراً إلى أن المشروع «يغلب المصلحة الوطنية ويراعي مصلحة الجزائر»، وإن أشار إلى معارضته دسترة اللغة الأمازيغية، وهي جزئية واردة في وثيقة الدستور.
وهذا الموقف من الأمازيغية يشترك فيه كل الإسلاميين الذين يرفضون «أن تكون للعربية ضُرَّة». كما يعارضون بشدة استعمال الفرنسية كلغة تعامل في الإدارة الحكومية، خصوصاً في الوزارات. وشنَ ناشطون أمازيغ وقطاع من الإعلام، هجوماً حاداً على الإسلاميين بسبب هذه القضية التي بعثت صراعاً أزلياً حول «عروبة الجزائر» و«الأصول الأمازيغية للجزائريين».
يشار إلى أن الدستور الجديد يقترح دسترة المجتمع المدني والحراك الشعبي ويكرس استقلال القضاء والفصل بين السلطات. كما يقترح العودة إلى منصب رئيس الحكومة في حال كانت الأغلبية لأحزاب غير موالية للرئيس المنتخب، أو الإبقاء على منصب وزير أول في حال أفرزت الانتخابات التشريعية «أغلبية رئاسية». ومما تتضمنه الوثيقة أيضاً، تمكين جيش البلاد من المشاركة في «مهام لحفظ السلام» خارج الحدود، وهي قضية أثارت جدلاً كبيراً، وأعطيت تفسيرات عدة، منها أن جيش الجزائر قرر الخروج من «عزلة طويلة» فرضتها عليه محاربة الإرهاب.
وكشف بن قرينة أن تبون عرض على حزبه دخول الحكومة، بعد وصوله إلى الحكم، مشيراً إلى أن الحزب قدم 6 قياديين منه لتولي مناصب وزارية، وأنه هو شخصياً عُرض عليه «منصب سيادي»، لكن «شاء القدر أن لا نلتحق بالحكومة» من دون توضيح الملابسات.
وعبر عن «ابتهاجه» لمشاركة ثلاثة أحزاب إسلامية في استفتاء الدستور، ولو أنها، حسبه، دعت إلى التصويت برفضه، في إشارة إلى «حركة مجتمع السلم» التي كان بن قرينة قياديا بارزاً فيها وأحد وزرائها في تسعينيات القرن الماضي، و«جبهة العدالة والتنمية» بقيادة عبد الله جاب الله، أحد قدامى زعماء التيار الإسلامي منذ فترة النشاط السري في سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى «حركة النهضة»، وهي حزب متواضع أسسه جاب الله وغادره بعد خلاف حاد مع قياديين بخصوص دعم سياسات الرئيس السابق بوتفليقة.
ونزل جاب الله ورئيس «مجتمع السلم» عبد الرزاق مقري إلى الميدان منذ انطلاق حملة استفتاء الدستور، الأربعاء الماضي، لحث الناخبين (32.5 مليون ناخب مسجل) على التوجه إلى صناديق الاقتراع لرفض الدستور. ويقول معارضون لهذا الموقف من أحزاب «التيار الديمقراطي» الداعي إلى مقاطعة الاستفتاء، إنه «يصب في مصلحة السلطة التي تريد تضخيم نسبة المشاركة».
وفي مقابل كتلة الإسلاميين الرافضين لمسودة الدستور، أعلن رئيس «حركة الإصلاح الوطني» الإسلامية فيلالي غويني تأييده للمسعى، وهو كان ضمن طاقم تبون في حملة الاقتراع الرئاسي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net