تاريخ عريق وهوية متغيرة

قبلت جامعة ييل أربعة توائم من عائلة ويد العام الماضي. نيك، ونيجل، وزكاري، وأرون حاولت جامعتا هارفارد وبرنستون، أيضا، أن تستقطبهم لكنهم اختاروا ييل بعد زيارة الجامعات الثلاث وفضلوها لأنها «تبدو أكثر إنسانية، وقدمت لنا منحا دراسية مغرية». الجامعات الثلاث تحتل أعلى المراتب الأكاديمية، وأقساطها الخيالية جعلتها حلما للكثيرين.
تعتبر هارفارد أقدم جامعة في أميركا. تأسست «هارفارد»، التي تقع في ضاحية كمبريدج الواقعة عبر نهر تشارلز في مدينة بوسطن، عاصمة ولاية ماساتشوستس، عام 1636. وجاء تأسيسها بموجب اقتراع للهيئة التشريعية لـ«مستعمرة خليج ماساتشوستس» التي أصبحت لاحقاً مدينة بوسطن. وحملت الكلية التي باتت أول معهد للتعليم العالي في البلاد بداية اسم «الكلية الجديدة» أو «كلية المدينة الجديدة». ثم، أطلق عليها اسم كلية هارفارد في مارس (آذار) من عام 1639 تكريماً للقس الإنجليزي جون هارفارد، بعدما تبرع القس اللندني الشاب للكلية بمكتبته ونصف ممتلكاته. بل إن الضاحية التي شيدت فيها دعيت كمبريدج أيضاً تحية للجامعة البريطانية التي تخرج فيها هارفارد.
أما «ييل» فتأسست قبل تأسيس الولايات المتحدة أيضا عام 1701… وتعتبر ثالث أقدم جامعة أميركية.
يحكي التاريخ أنّ ييل تأسست نتيجة تمرد ديني في هارفارد، حين انقسم القساوسة بمجلس إدارة الجامعة، واعتبر المحافظون، أنّها صارت «ليبرالية» بعدما خفضت المقررات الدينية، والصلوات اليومية في الفصول، فتعاونوا مع كلية كونيتيكات الدينية، وساعدهم التاجر ييل بإرساله بضاعة بقيمة 560 جنيها إنجليزيا (120,000 دولار بسعر اليوم). وفي البداية، ركزت ييل على الدراسات العلمية، مفضلة الدراسات الكلاسيكية اليونانية والرومانية، فيما انتهجت هارفارد نهج الدراسات الأوروبية «الحديثة».
أما جامعة برينستون فتحتل المرتبة الرابعة في لائحة الجامعات الأقدم إذ تأسست عام 1746 وتشبه ييل وهارفارد في بداياتها حيث نشأت كمؤسسة دينية. كان اسمها «نيو لايت بريسبتيريان، ثم كلية نيوجيرسي، حيث كانت توجد أعداد كبيرة من المهاجرين من بريطانيا واسكوتلندا.
لأكثر من 70 عاما، كانت رمز هؤلاء المهاجرين. لكن، تحولت هويتها عندما بدأت حرب الاستقلال الأميركية بقيادة جورج واشنطن. وكانت كلية برينستون واحدة من ساحات القتال بين جيش الاستعمار البريطاني، وجيش الثورة الأميركية.
ويشاهد الذي يزور جامعة برينستون اليوم آثار تلك الحرب في قاعة «ناساو». لهذا، يفتخر طلاب وخريجو الجامعة بأنها تتفوق على كل من هارفارد وييل بأنها شهدت، حقيقة، حرب الاستقلال الأميركية.
نشأت الجامعات الثلاث بهوية دينية لكن هويتها تغيرت مع مرور السنوات. حيث تأسست ييل بسبب تمرد ديني في هارفارد عندما انقسم القساوسة في مجلس إدارة هارفارد. واتهمها المحافظون بأنها أصبحت «ليبرالية» تتخلى عن تعاليم الدين. وكرد فعل ركزت ييل في بداياتها على الدراسات العلمية على أسس من الإنجيل. وبينما فضلت هارفارد الدراسات الأوروبية «الحديثة» (في ذلك الوقت)، فضلت ييل الدراسات الكلاسيكية اليونانية والرومانية.
لكن، مع بداية القرن التاسع عشر، غمرت كثير من الجامعات الأميركية موجة الدراسات العلمية البحثية. وقل الاهتمام بالأدبيات والإنسانيات، وطغت التخصصات العلمية والعملية.
مثل هارفارد، ييل، تطورت المناهج التعليمية في برينستون أيضا، وقل الاهتمام بالمواضيع الدينية، وزاد الاهتمام بالعلوم الحديثة. غمرت كل هذه الجامعات الدراسات البحثية، ومع مطلع القرن الحادي والعشرين، صارت جامعة برينستون في مقدمة الجامعات الأميركية في مجال الدراسات والأبحاث العلمية والتكنولوجية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
© Copyright 2024, All Rights Reserved, by Ta4a.net